ـ[أبو فراس الخزاعي]ــــــــ[10 - 02 - 08, 02:07 ص]ـ
لحن القول
قول أهل مكة: (وحَشْتَني)!!
د. عبدالعزيز الحربي
وردني سؤال عن كلمة (أوحشوني) في أبيات زجليّة، وفيها قوله:?فارقتهم يومَ لاِثنينْ صُبحَ الثّلاثا أوحشوني?ثم قال السائل: هل (وحَشْني) مِن لحن القول أم من صحيحه؟ وهي تكثر عند أهل مكة. والجواب: صدقت - أيُّها السائل - هي من ألفاظ أهل مكة، وهي من صريح الكلِم وصحيحه القديم .. غير أن الاستعمال الصواب هو (أوحشتني) بالألف (أي: أدخلت عليَّ الوحشة بسبب غيابك عني)؛ لأن هذا الفعل لا يتعدَّى بنفسه، وفي المكييّن مَن ينطقها كذلك .. وأنقل لك هذا النص النفيس من كتاب (تاج العروس) للزبيدي، قال في استدراكه على القاموس: (وقد أوحشتُ الرجلَ فاستوحش، ومنه قول أهل مكة: أوحشتنا. وأنشدنا غير واحد من الشيوخ عن البدر الدماميني:?يا ساكني مكة لا زِلتمُ أنسًا لنا، إنّيَ لم أَنسكُمْ?ما فيكمُ عيبٌ سوى قولكمْ عند اللقا: أوحشَنا أنسُكُمْ?وقد ردّ عليه الإمام عبد القادر الطبري، وحذا حذوه ولده الإمام زين العابدين .. ) ولم أظفر بالرّد المذكور، وأردّ أنا فأقول:?لا تردّ صحاح الألفاظ العربية بمثل هذا الكلام الذي يشبه المزاح، ويشبه أيضًا أن يكون من باب التوكيد بما يشبه الذم عند إرادة الامتداح، فإن لم يكن هذا ولا ذاك، فهو مردود بما نقل عن أهل اللّغة الأقحاح، وبأن أصل المادة يقبل هذا الاستعمال، وإن لم يرد نصًّا عن العرب، وفي لهجة المكيين من التفخيم، والترقيق، والترخيم، والتخفيف، والتثقيل، والحذف، والمد، والزيادة، والإبدال، والنّبر، والتصويت ما يجعلها عذبة الإيقاع، خفيفة على الأسماع؛ لأنها تجمع محاسن إيقاع لهجات العالم الذي يفد إلى البلد الذي تُجبى إليه ثمرات كل شيء، وجعله الله قيامًا للناس، وقد تلقّف الناسُ هذه الكلمة، فشاعت في بلاد العرب.
ـ[أبو فراس الخزاعي]ــــــــ[16 - 02 - 08, 04:53 م]ـ
لحن القول?
قولُهم: يا وجْهَ الله!
د. عبدالعزيز الحربي?
من الشائع على الألسُن قولهم: (يا وجه الله) وكذلك (يا رحمة الله) والوجه صفة، والرحمة صفة، والصفة غير الاسم، والصفة لا تنادَى، وإنما الذي ينادى الاسم؛ لأنه صادق على المسمّى، والصفة بعض المسمّى، قال الله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِها} [الأعراف180] وأما السؤال والتوسّل بالصفة، كسؤال الله بعظمته وقدرته ورحمته، وبوجهه الكريم فلا نزاع في جوازه بين علمائنا.?غير أنه يحسن التفصيل في قولهم: (يا وجه الله)) لأنه قد يراد بها الذات، بل فسّر بها قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص88] أي: إلا ذاته، ولا يطلق الوجه على الذات إلا على من له وجه، وكذلك قوله سبحانه: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن27] ولا محظور في إطلاق الوجه على الذات مع إثبات صفة الوجه الذاتية لله، فإن إطلاقه على الذات معلوم في لغة العرب وسائر اللغات والأفهام، وكل صاح ب فطرة سوية لم يرد عليها ما يغيرها عن أصلها يفهم من نحو قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} أمرين، أحدهما: ويبقى ربك، الثاني: أن له وجها.?فعلى هذا التفصيل المبني على مراد المتكلم يكون الكلام في الحكم على هذه المسألة. . وفي معجم المناهي الّلفظية يقول الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله –: (يجري على لسان بادية الجزيرة قول: يا وجه الله. فسئل المفتي الشيخ محمد [بن إبراهيم] – رحمه الله – عن ذلك فقال: (ما تنبغي و ممكن أن مقصودهم الذات)
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[17 - 02 - 08, 09:06 ص]ـ
تابع جزاك الله خيراً وبارك فيك.
ـ[عبد الله غريب]ــــــــ[21 - 02 - 08, 09:57 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك
ـ[أبو فراس الخزاعي]ــــــــ[29 - 02 - 08, 10:36 ص]ـ
لحن القول?
لَعِبَ دورًا بارزا!!
د. عبدالعزيز الحربي?
لما أصبح الّلعب يُلبَسُ لباسَ الجدّ والحزم في قانونه وأحوالِه , واستعداد فرسانه وأبطاله , وامتثالهم لأحكامه وآدابه , وخضوعهم لجزاءاته وعقابه , صارت لفظة الّلعب لفظة محترمة ذات وزن وقدر , وتطور استعمالها بتطوّر معناها , فأصبحت تستعمل فيما يشارك فيه المرء من أمور الحياة صناعة وإنجازًا وإنجاحًا ونحو ذلك , فيقولون لعب فلان في مؤتمر السلام دورا بارزا.?وأظن أن المستعمل الأول للّعب على هذا النحو قد استحضر خيالُه صورةَ لاعب ذلك الدّور وهو يذهب ويجي , ويستجيشُ ويَلتجيْ , ويقتَنصُ الفرص ويروغ , ويُعمل الحيلة في تصرفه حتى يصل إلى غايته ويحقق هدفه , فقال عنه: (لَعِبَ) استحضارا لهذه الصورة وتشبيها بالّلاعب الذي يسعى إلى تحقيق هدفه , وهذا هو سرّ التطور في استعمال الألفاظ , وسعةِ التشبيه وضروبِ الكنايات , ولا يصح إطلاق اللّعب إلا على ضدّ الجدّ , ولولا قرنية الحال والسياق التي تفهم المقصود لما جاز استعمالها إلا في معناها الأصلي.?ولفظ (دورا) في قولهم: لعب دورا , يعرب مفعولاً مطلقا , أو مفعولا لـ (لَعِب) المضمن معنى (أدّى) , ولهذا كان رأي الأكثرين من شيوخ مجمع الّلغة بالقاهرة أن يقال: أدّى دورا , مكان: لعبَ دورا , والذوق يرفض أن يُستعمل الّلعب في مقام التدين والمعتقد والجِدّ الخالص فلا يقال: لعب في الإمامة دورا بارزا , وما قلته في أمر الاستحضار والتخيل يمنع صاحبَ الذوق الصائب والنظر الثاقب أن يستعمله إلا فيما هو مناسب له
¥