تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد اقترح - حين كان قاضياً في دوماً - وضْعَ قانون كامل للأحوال الشخصية، فكُلف بذلك عام 1947م وأُوفد إلى مصر مع عضو محكمة الاستئناف الأستاذ نهاد القاسم - الذي صار وزيراً للعدل أيام الوَحدة - فأمضيا تلك السنة كلها هناك، حيث كُلِّف هو بدرس مشروعات القوانين الجديدة للمواريث والوصية وسواها، كما كلف زميله بدرس مشروع القانون المدني. وقد أعدَّ هو مشروع قانون الأحوال الشخصية كلها، وصار هذا المشروع أساساً للقانون الحالي، وأُشِير إلى ذلك في مذكرته الإيضاحية.

وكان القانون يخول القاضي الشرعي في دمشق رئاسة مجلس الأوقاف وعمدة الثانويات الشرعية، فصار علي الطنطاوي مسؤولاً عن ذلك كله خلال عشر السنين التي أمضاها في قضاء دمشق، فقرر أنظمة الامتحانات في الثانويات الشرعية، وكان له يد في تعديل قانون الأوقاف ومنهج الثانويات ثم كلف عام 1960 م بوضع مناهج الدروس فيها فوضعها وحده - بعد ما سافر إلى مصر واجتمع فيها بالقائمين على إدارة التعليم في الأزهر - واعتمدت كما وضعها.

رحلاته:

وقد كانت له مشاركة في طائفة من المؤتمرات، منها حلقة الدراسات الاجتماعية التي عقدتها جامعة الدول العربية في دمشق في عهد أديب الشيشكلي، ومؤتمر الشعوب العربية لنصرة الجزائر، ومؤتمر تأسيس رابطة العالم الإسلامي، واثنين من المؤتمرات السنوية لاتحاد الطلبة المسلمين في أوروبا. ولكن أهم مشاركة له كانت في المؤتمر الإسلامي الشعبي في القدس عام 1953م، والذي تمخضت عنه سفرته الطويلة في سبيل الدعاية لفلسطين، وقد جاب فيها باكستان والهند والملايو وأندونيسيا.

ولم تكن تلك أول رحلة طويلة يرحلها - وإن كانت الأبعد والأطول - فقد شارك في عام 1935م في الرحلة الأولى لكشف طريق الحج البري بين دمشق ومكة، وقد حفلت تلك الرحلة بالغرائب، وحُفت بها المخاطر، ومن أحب الاطلاع على تفاصيلها فلينظره في كتاب: "من نفحات الحرم".

في المملكة العربية السعودية:

في عام 1963م قدم جدي إلى الرياض مدرساً في الكليات والمعاهد؛ وكان هذا هو الاسم الذي يطلق على كليتي الشريعة واللغة العربية، وقد صارت - من بعد - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفي نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصوة في الكُلْية عازماً ألا يعود إلى المملكة في السنة التالية، إلا أن عرْضاً بالانتقال إلى مكة للتدريس فيها حمله على التراجع عن هذا القرار.

وهكذا انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها وفي جُدَّة خمساً وثلاثين سنة، فأقام في أجياد مجاوراً للحرم إحدى وعشرين سنة من عام 1964م إلى عام 1985م، ثم انتقل إلى العزيزية - في طرف مكة من جهة منى - فسكنها سبع سنوات، ثم إلى جُدّة فأقام فيها حتى وفاته - يرحمه الله - في عام 1999م.

بدأ جدي هذه المرحلة الجديدة من حياته بالتدريس في كلية التربية بمكة، ثم لم يلبث أن كلف بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية [24] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=1797#_ftn24)، فترك الكلية وراح يطوف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة؛ لإلقاء الدروس والمحاضرات، وتفرغ للفتوى يجيب عن أسئلة الناس في الحرم - في مجلس له هناك - أو في بيته ساعات كل يوم، ثم بدأ برنامجيه: "مسائل ومشكلات" في الإذاعة، و"نور وهداية" في الرائي اللذين قدر لهما أن يكونا أطول البرامج عمراً في تاريخ إذاعة المملكة ورائيها.

هذه السنوات الخمس والثلاثون كانت حافلة بالعطاء الفكري للشيخ، ولا سيما في برنامجيه اللذين استقطبا - على مر السنين - ملايين المستمعين والمشاهدين وتعلق بهما الناس على اختلاف ميولهم وأعمارهم وأجناسهم وجنسياتهم، ولم يكن ذلك بالأمر الغريب، فلقد كان علي الطنطاوي من أقدم مذيعي العالم العربي، فقد بدأ يذيع من إذاعة الشرق الأدنى من يافا في أوائل الثلاثينيات، وأذاع من إذاعة بغداد سنة 1937م، ومن إذاعة دمشق من سنة 1942 م لأكثر من عَقدين متصلين، وأخيراً من إذاعة المملكة العربية السعودية ورائيها نحو ربع قرن متصل من الزمان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير