نعم .. هذا هو الراجح القول الثاني على أنه يقتضي الفور، هذا هو الراجح، والأدلة والأحاديث كثيرة كما في قوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ وفي أيضا صلح الحديبية: لما غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال لأصحابه: حلوا من إحرامكم، فما قام أحد، فدخل على أم سلمة -رضي الله عنها- وهو غضبان، فقالت: وما الذي أغضبك، أغضبه الله؟ قال: وما لي لا أغضب، وأنا آمر بالأمر ولا أُتّبع فكأنه يعني: أنه كان ينبغي على الصحابة يجب عليهم -رضي الله عنهم- أنهم إذا أمرهم على الفور، أما لو كان على التراخي مثلا لكان يعني الأمر واضح، فدل على أن مدلول الأمر ومقتضاه أنه على الفور.
ثم أيضا دليل آخر، وهو أن الإنسان لا يأمن على نفسه من سلامة العاقبة، يعني: لا يأمن على نفسه أن تكون عاقبته سليمة، قد يكون الآن صحيحا معافى لكن لا يأمن أنه فيما بعد يكون صحيحا معافى قادر على امتثال الأوامر الشرعية، فالمبادرة هي الواجبة المتعينة، ولهذا الراجح أنه على الفور، نعم، وقيل: يقتضي الفور ..
وقيل: يقتضي الفور، وعلى ذلك بُني قول من قال: يقتضي التكرار ..
يعني هذه إشارة إلى أن يلزم على القول بالتكرار يلزم عليه الفور، يعني: من قال بالتكرار فلازم قوله أنه يقول بالفورية، أما من يقول بالفورية فلا يلزم، يقول التكرار، نعم ..
هل الأمر يقتضي التراخي
والأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم ..
الشافعية -رحمهم الله- المشهور عندهم على أن الفور الأمر المطلق يقتضي، يعني لا يقتضي الفور، بل هو عندهم يجوز فيه التراخي، وهذا لا بد من التنبيه على أمر يا إخوان، بعض أهل الأصول يعنونون لهذه المسألة يقولون: هل يقتضي الفور، أو يقتضي التراخي، هل يقتضي الفور، أو يقتضي التراخي؟ هل العنوان صحيح؟ غير صحيح، لماذا؟ لأن ما أحد يقول: إنه يقتضي التراخي، إذا قلنا: بأنه يقتضي التراخي معناه أنه يجب التراخي، معناه لو فعلته في الأول ما صح، خالفت مقتضى الأمر، لا، بل العبارة الأسلم أن نقول: هل يقتضي الفور أو يجوز فيه التراخي؟ هذه هي العبارة الصحيحة.
الشافعية -رحمهم الله- المشهور عندهم على أنه يجوز فيه التراخي، وبنوا عليه مسألة جواز تأخير الحج، فيقولون: إن الحج ليس على الفور، بل هو على التراخي، فرض في العمر كله، لكن الصحيح أن الحج على الفور.
فيقولون: إن الحج ليس على الفور، بل هو على التراخي، فرض في العمر كله، لكن الصحيح أن الحج على الفور، أخذ بناءً على هذه القاعدة.
الحنفية أيضا -رحمهم الله- المشهور عندهم على أن مطلق الأمر، أو أن الأمر المطلق أنه يقتضي أنه يجوز فيه التراخي، لكن في مسألة الزكاة قالوا: لا، في مسألة الزكاة لا بد من إخراجها فورا، قالوا: لماذا؟ قالوا: لأن حاجة الفقير ناجزة، وإن كان الأصل عندنا -يقول الحنفية رحمهم الله-: والأصل عندنا على أن الزكاة إخراجها على التراخي، ليست زكاة الفطر، بل زكاة المال، إخراجها على التراخي، لكن لما كانت حاجة الفقير ناجزة خالفنا هذا الأصل، فقلنا: إنها على الفور، نعم يا شيخ ..
مسألة مقدمة الواجب
والأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم الفعل إلا به، كالأمر بالصلاة أمر بالطهارة المؤدية إليها؛ فإن الصلاة لا تصح بدون الطهارة.
هذه مسألة مشهورة عند الأصوليين، وهي مسألة يسمونها مقدمة الواجب، أو ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وتحقيق القول فيها نقول: ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وفرق بين العبارتين، ما لا يتم الوجوب إلا به كحضور الأربعين، على من يقول باشتراط الأربعين في صلاة الجمعة، وكزوال الشمس وكبلوغ النصاب وما إلى ذلك؛ لأنه ما تم الوجوب، ما لا يتم الوجوب إلا به ليس بواجب.
لكن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كغسل جزء من الرأس في الوضوء، وإمساك جزء من الليل، وأيضا السعي لصلاة الجمعة ولصلاة الجماعة، إنك تمشي؛ لأنه قد يقول الإنسان مثلا: أنا ما يلزمني أنا ما أمرت بالمشي، أنا أمرت بالصلاة، هكذا يصلون عندي وللا لا؟ نقول: لا، ما يجوز لك هذا الكلام، لأن الأمر بصلاة الجمعة أمر بالسعي إليها؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، نعم يا شيخ ..
مقتضى فعل المأمور به
¥