من كونه ممَّا يحبُّ الشَّارعْ=أو لا وهلْ فيه الجزاء واقعْ
فالأوَّلُ النَّصُّ الجليّ يقضي=تعلق الحبِّ به والبغضِ
ثمَّ إذا يثبتُ ذا تعلّقا=كذاك بالافعال أيضًا مطلقَا
والثَّان هل يصح تعليق الجزا=بغير مقدور إذا تميّزَا
أو لا يصحُّ ذا مجالٌ للنَّظَرْ=والقول بالتَّعليق ممَّا قدْ ظَهَرْ
(المسألة الخامسة)
وما من المقدور شقَّ أمره=فأضرب كلٌّ سيأتي ذِكْرُهْ
أوَّلها الخارجُ عن مُعْتادِ=تصرُّفاتِ سائرِ العبادِ
فإن يكن ما قد يشقُّ فيه خصْ=أعيانُ الاَفعال فذا بابُ الرُّخَصْ
وإنْ يكنْ ليس له اختصاصُ=لكن للاَعمال به انتقاصُ
من الدوام ـو من التكثيرِ=فذا محل الرفق والتيسيرِ
(المسألة السادسة)
وكُلُّه الشَّرعُ رءاه أنَّهْ=مشقَّة غالبة للمنَّهْ
فهْو لهذا فيه لم يقصد لأَنْ=يَكْلِفَ الخلق بما فوق المُئَنْ
دليله من النصوص الوارد=فهْي على صحة ذاك شاهد
كذاك من أصْل الرخص المشورعِ=قطعًا ومن ممتنع الوقوعِ
(المسألة السَّابعة)
والثَّانِ ما يجري على العاداتِ=من حيثُ معهودُ التَّصرفاتِ
لكنَّه شقَّ على المكلَّفِ=من حيثُ الارتياظُ للتكلّفِ
فمثلُ ذا لمْ يَعتبره الشَّرعُ=مشقَّةً إلى ارتفاعٍ تدعو
بل عدّه من جملة التصرّفِ=كطلب المعاشِ بالتحرُّفِ
ومثلُ ذا ليس يُسمَّى عادهْ=مشقَّةً بل كلْفَةً معتادَهْ
فقصد النكليف للعبادِ=بما يُرى يجري على المعتادِ
وليس للمكلفين قصدُ=ما قد عدا مشقةً تعدُّ
من حيثُ إن الاَجْرَ فيه يَعْظُمُ=فالشرعُ للقصد له لا يُفْهَمُ
لكن لهم أن يقصدوا من العملْ=ما يعظم الثوابُ فيه بالثقلْ
فصل
ما شقَّ إن ينشأ عن اَمْرٍ مُتَّبَعْ=بالاذن مطلقًا فإنَّهُ يقعْ
إمَّا على ما اعتيد ظل العَمَلْ=وهْوَ الذي بيانه قبلُ حصَلْ
وإنَّه لا قصد للشَّارعِ في=جلب المشقَّاتِ إلى المُكَلَّفِ
أو غير ما اعتد فهذا أدْعا=إلى ارتفاع القصد فيه شرعَا
وعند ذا إن حصلت من سببِ=مكلفٍ بالقصد في التسبُّبِ
فإن يكن بمقتضى التَّأمُّلِ=لا يقتضيها أصل ذاك العملِ
فذاك ممنوعٌ وعنه قد نُهي=وهذا الأصل مأمور بهِ
وإن تكن تابعةً للعملِ=فما هنا ما حا في اليسر جلي
وبعد فالحرج ذو ارتفاعِ=خشية تقصير أو انقطاعِ
وكم دليل فيهما قد جاءَ=والناس ليسوا هاهنا سواءَ
وما على مكلفٍ منها دخلْ=دون تسبُّبٍ له فيها حصلْ
فليس للشارع قصدٌ في بَقَا=ما يتَّذى مِنْ وَقْعِهِ أو يُتَّقَى
كمثل ما لا يقصد التسبُّبَا=في جلب ما من ذاك قد تحببا
وكل مولم بهذي الدَّارِ=فهْوَ من البلوى للاختيارِ
وفُهِمَ الإِذْنُ من المشروعِ=في دفعه إن كان ذا وقوعِ
وفي التوقي بعد مما نتقا=منه أذًى أو اعتداءٌ مطلقَا
ومقتضى التكليف عنه تحصلُ=مصالح الاُخرى إذا ما يفعلُ
بكونه للمولمات دافعَا=وجلبه لما يكون نافعَا
وغير ما الاذنُ به قد وقعَا=أظهرُ في المنع لمن به سعَا
(المسألة الثامنة)
وثالث يُلفى لذاك صاها=ما يُخرجُ النفوسَ عن هواها
فذاك للشارع غير معتبرْ=فيما يشق أمره على البشرْ
إذْ قصده الإخراجُ بالتكليفِ=عن داعيات النفس في التصريفِ
(المسألة التاسعة)
ثُمَّ المشقَّاتُ لدُنيويَّهْ=تَقَسَّمتْ بعد وأُخرويَّهْ
فحيث أدَّى عمل لذك ما=أُوجب أو فعل الذي قد حرما
فهْو أشدُّ في اعتبار الشَّرْعِ=لشانه فاشتدَّ حال المنعِ
إذ اعتبار الدين دون لبسِ=مقدَّمٌ على اعتبار النفسِ
(المسألة العاشرة)
وما يشقُّ تارةً يخص=وإن يعنَّ لا يختصْ
وتارةً يكون داخلاً على=غير الذي لابس ذاك العَمَلا
فليس في ذلك للشرع طلبْ=ولا الذي أدَّى إليه مطلبْ
وما له تعارضٌ في مسألهْ=فانجدة الترجيح فيه معْمَلهْ
(المسألة الحادية عشرة)
وإن يكن ما شقَّ في التكليف=يجاوز المعتاد في التصريف
حتَّى يرى عنه فساد مطلقَا=فالرفع قصد الشرع فيه لا البقا
وغير خارج عن المعتادِ=بل مثله يُرى في الامر العادي
فليس للشارع في الإيقاع=لذاك قصد ولا الارتفاعِ
(المسألة الثانيةَ عشرةَ)
الشرع في التكليف بالأعمالِ=جارٍ على سبيل الاعتدالِ
في جملة الشؤون والاَحوال=من غير إعناتٍ ولا انحلال
فإن أصاب دالعراب مفرط=في الطرفين وذا الوسط
وانظر إلى التدريج في الخطاب=بحسَب العتاب والاعتابِ
فإن رأيت ميلهُ لجانبِ=فهْو مقابل لأمرٍ غالبِ
في الطرف الآخر ممَّل قد وقعْ=أو ماله ترقُّبٌ أن سيقعْ
مثل الطلب قابل المنحرفا=بصده حتى يرى منعطفا
¥