من طرفٍ مَّا إلى الاعتدالِ=فيُرتجى له صلاحُ الحالِ
فَمَنْ عليه الانجلال قد غلبْ=فويل بالزجر وما فيه الرهبْ
وإن يك الخوف له تغليبُ=قابله التيسيرُ والتَّرغيبُ
وحيث ذا وذاك ليس لائحَا=ترى سبيل الاعتدال واضحَا
كذاك من مَّال من اَهل العلمِ=لِجانبٍ قاضٍ بهذا الحُكْمِ
ثمَّ التَّوسّطُ أي المقاصدِ=تعرفُ بالشَّرعِ وبالعوائد
النوع الرابع في بيان قصد الشارع
في دخول المكلّف تحت أحكام الشريعة
وفيه مسائل، المسألة الأولى
إنَّ الشَّريعةَ لَمُقْتضاها=أنْ تُخْرِجَ النفوسَ عن هواها
حتَّى يُرى المُكَلَّفُ اختيارَا=عبْدَ المِن بملكه اضْطرارَا
دليلُهُ النَّصُّ الصريحُ الآتِ=في الخبر الصحيح والآياتِ
وما أتى في ذمّ كل متَّبَعْ=هواه إذْ ذاك بضد ما شُرِعْ
وكل فعل بالهوى قد وقعا=دون اعتبار الامْرِ والنهي معَا
أو التفات الاذن فهو باطلْ=إذ غير قصد الشرع فيه حاصلْ
وصحَّ ما الامرُ أوالنَّهيُ اتّبِعْ=أو الاذن بقصد المتَّبَعْ
وما به يمتزج الامرانِ=فها هنا للفعل مقصدانِ
فإن يك السَّابقُ أمر الشَّارعْ=ومقصد الهوى له كالتَّابِعْ
فذاك لا فشكال في لِحاقِه=بالثَّان فذْ جرى على وفاقِهْ
لكن بشرط أن يكون ما تبعْ=لنيل مثل ذلك القصد شُرِعْ
وإن يك الهوى لشرع سابقا=فذاك بالاَوَّلِ يُلفى لاحقَا
وظاهرٌ إن الهوى إن اتُّبِعْ=نهجٌ لما قد ذمَّ شرعًا ومنعْ
وإن يكن يبرز في الوجودِ=في ضمن ما يلفى من المحمودِ
وهو في الاحكام إذا ما اعملا=مظنّةً لفعلها تخيّلا
(المسألة الثانية)
مَقاصد المشروع منها أصلي=وتابعٌ له بحكم الأصلِ
فأوَّل قسم الضَّروريَّاتِ=وحكمها على العموم آتِ
ومن هنا لا حظَّ للمكلَّفِ=فيها لأن كانت لذاك تقتفِي
لاكنها بعدُ على قسمينِ=منها كفائيٌ ومنا عينِي
فكونها للعينِ حيثُ أمِرَا=كل امرئٍ بعينه من الورا
بحفظ دينه وحفظ عقلهِ=ونفسه وماله ونَسْلِهِ
وكونها كفايةً من حيث مَا=هو لكل الخلق أمر لزما
فبالجميع قامت المصالحُ=بحكمة الله وهذا واضحُ
والتَّابعُ الذي به قد روعي=حظ مكلَّفٍ لَّدى المشروعِ
فهْو به محصِّلٌ لما جُبِلْ=عليه ممَّا النَّفعُ فيه قد شَمِلْ
لأجلِ ما رُكِّبَ في الطِّباعِ=للاكتسابات من الدواعي
فهْو بما جُبِلَ لَّه يستدعي=مصالح الدنيا بحكم الطبعِ
والشرعُ يستدعي له في الخلقِ=مصالح الاخرى بحكم الرفقِ
فحدَّ لاكتسابه حُدُودا=وحفظها بنيله المقصودا
فإنَّ ما ذي الدارُ موضع العملْ=وتلك للفوز أو الخبر محل
وحين لمْ يَقْدِرْ على القيامِ=بما به النفع على التَّمامِ
احتاج أن يُعينه سواهُ=لنيل ما رآهُ مبتغاهُ
فصار كل أحدٍ لن يسعَا=إلاَّ لما جرَّ إليه نَفْعَا
وصحَّ الانتفاع للجميعِ=في قصدهم من جهة المجموعِ
وصارت المقاصد الفرعيَّهْ=من أجل ذا خادمة الاصليَّهْ
(المسألة الثالثة عشر)
وحاصلٌ أنَّ الضروريَّاتِ=ضربان ضربٌ للعبادِ آتِ
والحظُّ فيه عاجلٌ مقصودُ=والآخرُ العكسُ به موجودُ
فأوَّلٌ لما تقوَّى الداعي=لجلبه من جهة الطباعِ
كان من الشَّرعِ بإذنٍ أو طَلَبْ=ندبٍ فإنْ يَعْرَ عن الداعي وَجَبْ
إمَّا على الغير او الكفايهْ=وصار حظ الغير بادي الآيهْ
مقدَّمًا على سواه في الطلبْ=وأكِد الكف من أجل ذا السَّبَبْ
بالزَّجْرِ في الدنيا وبالإيعادِ=بلاحق العذاب في المعادِ
وضربها الثاني بذي المثابةِ=ما قد أتى فيه على الكفايةِ
وما على الاعيان منه قد أتى=فالقصد للشارعفيه ثبتا
موكَّدًا في الفعل بالإيجابِ=والتَّرك بالتَّحريم أو العقابِ
وذو كفاية بحكم القصدِ=إن اعْتَبَرْتَ فيه حظَّ العبدِ
وجدتَّهُ يصلُحُ للتَّقسيمِ=بحسَبِ الخصوصِ والعمومِ
فمنه ما الحظُّ به لم يَعْتَبِرْ=بالقصد الاوَّل بحيث ما ظَهَرْ
مثل الولاياتِ التي قد عَمَّتِ=مصالح الدنيا بها للأمَّةِ
ومنه ما الحظُّ لديه يُقْتَضى=وذاك ما مصلحة الغير اقْتَضَى
في ضمن ما المرءُ لنفسه اقترف=مثل الصناعاتِ وأنواعِ الحِرَفْ
فهْو خصوصٌ والعمومُ بالغرَضْ=ومنه قسم ذا وذا فيه عَرَضْ
بالقصد للحظ ولحظ الامْرِ=فهو خصوص في عموم يجري
وتحت ذَا تدخل في الاحْكامِ=ولاية الاوقافِ والايتامِ
(المسألة الرابعة)
ما فيه حظُّ العبدِ محضٌ وأذِنْ=فيه بتخليصٍ من الحظ قَمِنْ
لِمَنْ تلقَّى بالقَبُولِ الإِذْنَا=فصار قربةً بهذا المَعْنَى
كمثلِ مَنْ لبَّى بالاِمْتثالِ=ما طلب الشَّرعُ ولا يُبالي
¥