فالشرعُ في ذلك الانتقالُ = لمقتضى العادة فيهم تالِ
أو بأمورٍ تخرق العاداتِ = فالحكمُ في الشرعِ عليها ياتِي
بشرطِ أن نصير تلك الزئلهْ = معدومةً من أجل هذي الحاصِلهْ
وليس في أصل الخطاب ما ذُكِرْ = من اختلاف حكم ما قد اعتبرْ
وإنَّما معناهُ أن العادَهْ = إن فارقتْ حالتها المعتادهْ
كان رجوعُها لأصلٍ شرعي = يقضي عليها بقضاءِ الشرعِ
المسألة الخامسة عشرة
وما من العادات جارٍ يعتبرْ = شرعًا ضرورة بحيث ما صدرْ
أما الذي قرر بالدليل = شرعًا فظاهرٌ على التفصيل
وغيرُهُ يلزمُ فيه ما ذُكِرْ = ليستقيمَ حكمُ ما فيه اعتبِرْ
وخرقُ عادةٍ على استقرارها = ليس من القادح في اعتبارها
فما يُرى منحرفًا لعذرِ = فالحكمُ للرخصة فيه يجري
وما يُرى منحرفًا لعادهْ = دائمةٍ غالحكمُ كالمعتادهْ
أو عادةٍ لا تخرمُ الاولى فذا = إلى الترخُّصاتِ يُبدى مأخذا
أو غير معتادٍ فهذا إن وقعْ = يخالف الشرع فغير متَّبَعْ
لكنَّه مهما أتى عن معتبرْ = لم يطّرح رأسًا وأمعن النَّظَرْ
فإن يكُ المبنى لذا الآتي = له غرابةٌ لدى العاداتِ
ألحق حكمه على التفصيلِ = بحكمها بمقتضى التأويلِ
كالمتحري الصدق في الإخبارِ = مع صرر والأمر بالإفطارِ
وإن يكن من غير جنس العادهْ = مثل المكاشفات بالشهادهْ
فظاهر ردّهم للظاهرِ = المقتضى بالنهي والأوامرِ
وما الوصول للمغيَّباتِ = بمانع الجري مع العاداتِ
وفي رسول الله وهو القدوهْ = وصحبه للمهتدين أسوهْ
إذْ لَبِسَ المغفر للتَّوَقِي = مع كونه المعصوم بين الخلقِ
ومقتضى حكم قضيَّةِ الخضر = أن غير شرعنا به قد اعتبرْ
فصحَّ في مغيَّبٍ إن احتملْ = وجهًا من الشرعِ فقد ساغَ العملْ
وما يُرى مخالفًا للشرعِ = بكل وجهٍ فَحَرٍ بالمنعِ
المسألة السادسة عشرة
عوائدُ الأنامِ في المعهودِ = بحسب الوقوعِ في الوجودِ
ضربانِ ما استمرَّ في الأيامِ = والدهرِ والأقطارِ كالقيامِ
فذاك محكومٌ بما في الحالِ = منه على الماضي والاستقبالِ
ثانيهما ما باختلافٍ ياتي = بحسب الجهاتِ والاوقاتِ
كهيئة الملبوسِ والمسكونِ = وما كمثل شدّةٍ او لينِ
فذاك لا يُقضى به لمن مَضى = إلا إذا الدليلُ ذلك اقتضَى
كذاك لا يُقضى به في الآتي = والحكمُ للدليل لا العاداتِ
وتستوي العوائدُ الشرعيَّهْ = في مُقتضَى الضربينِ والعاديَّهْ
وربَّما بدا قسمُ المشكلِ = يجذبه الثاني كجذب الاوَّلِ
المسألة السابعة عشرة
تعظم طاعةٌ بعُظْم المصلحهْ = والاثمُ بالمفسدةِ المستوضحَهْ
إذْ أعظمُ المصالح الشرعيَّهْ = في الحفظ للمقاصد الأصليَّهْ
وأعظمُ المفاسدِ الإخلالُ = بحكمها والنقصُ والإبطالُ
لكن كلا الضَّربينِ منه ما يُرى = أصلُ صلاحٍ أو فسادٍ للورى
وما به الكمال للفسادِ = أو الكمالُ للصلاحِ البادِ
وكلها مختلفُ المراتبِ = فجانبٌ مطَّرحٌ لجانبِ
فما من الطاعاتِ في المنافعِ = منتجة كليٌّ أمرٌ راجعِ
إلى الضَّروري من المقاصدِ = عُدَّ من الأركانِ والقواعدِ
وإن تكن منتجة الجزئيِّ = عُدَّت من التقَرُّب النَّفليِّ
وجهة العصيانِ في المفاسدِ = ينتج ما يخل بالمقاصد
وعُدَّ بالكليِّ في الكبائرِ = وعدَّ بالجزئيِّ في الصغائرِ
المسألة الثامنة عشرة
الأصل في العبادة التعبُّدُ = دون التفاتٍ للمعاني يُقْصَدُ
والأصلُ في العاداتِ أن يلتفتا = إلى المعاني حيثُ ما ذاك أتى
دليله ما جاء في العباده = من من أوجه التحديد لا في العادَهْ
مع أنَّ الاستقراء ذلك اقتضا = في الجهتين وهو أمر مرتضا
فإن أتى في العادة التعبُّدُ = فالنصُّ متبوعٌ بحيثُ يوجدُ
ولا مجال فيه للعقولِ = فما القياسُ فيه بالمقبولِ
وعلة التعبد المطلوبهْ = حاصلُ الانقياد للمثوبهْ
ولكثير منه معنى بادِ = للفهم ضاهى مقتضاه العادي
وذاك ضبط أوجه المصالح = يعدُّ أصلا بالدليل الواضحِ
وما يُرى بالانضباط لا يفي = رُدَّ إلى أمانة المكلَّفِ
وعنه قد عُبِّرَ بالسَّرائرِ = إن كان لم يرجع لأصل ظاهرِ
معيَّنٍ كالصَّومِ والطهارهْ = فقد يظن الشرع ذا إشارهْ
له وذا المعنى له مشيرهْ = قاعدةُ الذرائع الشهيرهْ
لكنَّ إن مضى به أنظارُ = وكل ملحظٍ له اعتبارُ
فناظرٌ لكونه منتشرهْ = وجوهُه فبالنصوص اعتبرهْ
وناظرٌ لكونه منضبطا = لمقتضى كليةٍ مرتبطا
فيجري الالتفاتُ للمعاني = في شأنه بحسَبِ الإمكان
وثالثٌ له توسُّطُ النَّظَرْ = فسدَّ بالحكامِ كل ما ظهرْ
¥