وَرَدَّ منه غير ما استبينا = إلى أمانات المكلفينا
المسألة التاسعة عشرة
ثم الذي يعتبرُ التعبُّدُ = فيه فلا تفريعَ فيه يوجدُ
وما به القصدُ إلى المعنى ظهرْ = لابُدَّ من تعبُّد أن يعتبَرْ
وكل ما معناه ليس يعقلُ = فهو التعبُّدُ الذي يستعملُ
وحيثُ صحَّ هذا الأصلُ المرعي = إن اعتبرت كل حكم شرعي
وجدت أن فيه حق الله = من امتثال الامر والنواهي
وفيه حق العبد إما عاجلا = في هذه الدار وإما آجلا
والاصلُ حق الله في العبادهْ = وأن حق عبده في العادهْ
فصل
تنقسم الافعال في الحقوقِ = بنسبة الخالق والمخلوقِ
ما هو حق الله خالصا يُرى = مثل العبادات بُدًّا فيه انظرا
إن طابق الفعل الأمر يصح = أو لا فبطلانٌ بذاك يتضحْ
ومثلُ الامر النهي في ذا الشانِ = هما معًا في حكمه سيَّانِ
فإن رأيت من له قد صححا = بعد الوقوع فلأمرٍ رَجَحَا
إمَّا لأن ذاك غير حَتْمِ = أو لم يصح عنده في الحكمِ
أو لرجوع جهة المخالفهْ = لوجهه المنفك حين خالفه
إمَّا لعد الحكم في المعلَّلِ = وهو قليل ليس مثل الاوَّلِ
وما يُرى مشتركًا وغلبا = لديه حق الله لما وجبا
فإن هذا حكمه كالاوَّلِ = إذ صار حق العبد غير معملِ
وغير ما طابق صحح العملْ = بعد الوقوع فيه من تلك الاولْ
ورابعٍ شهادة المصحح = أنَّ لحق العبد تغليبًا نُحِي
وعكسُ ذا إن طابق الامر فلا = إشكالَ في الصحة فيما فعلا
ومثله النهيُ وإن عكس صدرْ = فذاك ممَّا فيه بحثٌ ونظرْ
فإن يظن يحصل حق العبد معْ = ذاك ولو بعد الوقوع إن وقعْ
عن سببٍ آخرَ ذي موافقهْ = كمثلِ ما يحصلُ في المطابقهْ
صح وزال مقتضى نهي ومعْ = فيه محيث ليس يحصلُ امتنعْ
كبيع من دُبرَ ثم أُعتقا = فمالكٌ فيه الجوازُ أطلقا
ومن راع بعد وقوعه العملْ = صحَّ فمن بعض الثلاثةِ الأولْ
المسألة العشرون
الشَّرعُ قد بيَّنَ وجه الشكرِ = في كل نعمةٍ علينا تجري
وبين الوجهَ في الاستمتاعِ = بكل ما أسْدَى للانتفاعِ
ومقتضى القصدِ من الشرعِ اتَّضَحْ = وكم عليه من دليل قد وضحْ
والشكرُ أن يكون صرف النعمِ = فيما فيه رضا الكريم المُنْعِمِ
وذاك الانصراف بالكليهْ = إليه بافخلاص للطويَّهْ
ويستوي في ذاك ما للعادهْ = مع الذي رجع للعبادهْ
أما العباداتُ فأمرها ظهرْ = لأنَّ حقَّ الله فيها المعتبرْ
كذاك في العاداتِ حيث ما هي = بالنظر الكليِّ حق اللهِ
لذاك لا يجوزُ للعبادِ = تحريمُ طيباتِ رزق عادي
القسم الثاني من كتاب المقاصد
فيما يرجع إلى مقاصد المكلَّف في التكليف
وفيه مسائل
المسألة الأولى
وإنما الاعمالُ بالنياتِ = من العباديَّاتِ والعاداتِ
وكم على ذلك من دليلِ = آتٍ على الجملةِ والتفصيلِ
يكفيك منها الفرقُ في المقاصدِ = بين التعبداتِ والعوائدِ
وبين واجبٍ من الاحكامِ = أو ندبٍ او مباحٍ او حرامِ
والعملُ الواحدُ بالقصدِ يُرى = طاعةً او معصيةً قد خطرَا
لذلك الاحكامُ لن تُعلَّقَا = بغير قاصدٍ إليها مطلقَا
كمثل مجنونٍ ومثل سَاهِ = ولا اعتراض فيه بالإكراهِ
ومثلُهُ ممَّا به الفعلُ وقَعْ = على خلافِ قصدِ من منه يقعْ
إذ قصدهُ معتمدٌ في الظَّاهِرِ = وربنا العلمُ بالسَّرائرِ
المسألة الثانية
القصد من مكلَّفٍ في واقِعِ = وفاق قصده لقصد الشَّارعِ
وذاك للدليل لا يستدعي = لأنَّه بادٍ من أصل الشرعِ
وذا وإن كان له تفضيلُ = في باب الاسبابِ له تحصيلُ
المسألة الثالثة
من كان في التكليفِ بالشرع سعا = لغير ما منه لديه شُرِعَا
فإنه مناقضٌ للشرعِ = وكم دليل مقتص للمنعِ
وموهم الجواز في موانع = شهادة فيه بقصد الشارع
المسألة الرابعة
وفعلٌ او تركٌ مع الوفاقِ = للشرع قصدًا صحَّ باتفاقِ
وعكسُ ذا مخالفٌ والقصدُ أنْ = يخالف الشرع به العكس اقترنْ
فأول حقيقةُ الطاعاتِ = والثان أنواعُ المخالفاتِ
وثالثٌ موافقٌ في العملِ = وقصده الخلاف منه مُنجلِ
فإن يكن لا يعلمُ الوفاقا = فإنه آثمٌ اتفاقَا
من حيث ما الخلافُ بالقصدِ حصلْ = وليس بالإثمِ من حيثُ العملْ
لذاك لا يلحقه ما لحقا = مَنْ منه يصدرُ الخلاف مطلقا
كشاربِ الجُلاَّبِ أو للسُّكْرِ = معتقدًا فيه لشُربِ المُسْكِرِ
وإن يكنْ يعلمُ بالوفاقِ = فذا الذي يلحق بالنفاقِ
لِجَعْلِهِ مقاصدَ الشَّريعَهْ = لغير مقصودٍ لها ذريعَهْ
ورابعٌ مخالفٌ والقصدُ = لحالةِ الوفاقِ ليس يعدو
¥