فإن يكن يعلمُ بالمخالفهْ = كمنشئٍ لطاعةٍ مُسْتانَفَهْ
فذاك مذمومٌ الاجتنابِ = بمقتضى السُّنَّةِ والكتابِ
وتحت ذا يدخلُ الابتداعُ = ولا يُقالُ إنَّهُ أنواعُ
راجعةٌ لمقتضَى الاحكامٍ = والذَّمَّ للمكروهِ والحرامِ
لأنَّنا نقولُ إنَّ البدعهْ = ليستْ سِوى ما الشرعُ يُبدي مَنْعَهْ
وما على النَّدبِ أو الوجوبِ = فليس بالبدعة بالمحسوبِ
وإن يكن يجهلُ ما عنه صدرْ = فها هنا وجهان من حيثُ النَّظَرْ
فناظر للقصد بالوفاقِ = يصحح الحكم على افطلاقِ
في راجع إلى المعاملاتِ = مع التَّلافي في التَّعبُّداتِ
لأنه قصد إلى الطاعاتِ = وإنَّما الأعمال بالنياتِ
وناظرٌ لما بدا في الواقعِ = يَمنعُ إن خالفَ ما للشارعِ
وكل واحدٍ من اللَّحظينِ = يُعارض الآخر من وجهينِ
من جهة الاصلِ أو الترجيحِ = فاحتيج للبحث وللتصحيحِ
فكان فيه الميل للجمهورِ = لمقتضى التوسُّطِ الماثورِ
فأعملوا الوجهين في ذاك معا = ليتلافوا حكم ما قد وقعا
فعملوا بالقصد في وجه وفي = وجهٍ بما للفعل في التخلفِ
والسَّهوُ بابُه عليه يجري = كذا النكاحُ إن فسادٌ يَسْري
المسألة الخامسة
جلب المصالح ودفعُ المفسدهْ = بالإذنِ فيه أصربٌ مُعَدَّدَهْ
فقصدُ ذاك دون قصدٍ للضَّرَرْ = بغير يصحُّ ما فيه نظرْ
وفاعلٌ معْ قصده الإضرارا = يمنع قصده فلا ضرارا
والفعلُ هل يكونُ منه يمنعُ = هذا محلٌّ لاجتهادٍ يقعُ
فحيثُ كان دون ضرٍّ يمكنُ = حصولُهُ فالمنعُ منه بيِّنُ
وحيثُ لا محيد ليس يَمْنَعُ = وقصد الاضرار هو الممتنعُ
وهو على مسألة الصَّلاةِ = في الموضعِ المغصوب حكمًا ياتي
وإن يكن لا يقصدُ الإضرارَا = لكنَّهُ يستصحبُ إضرارا
فما يُرى بالمنعِ منه الضررُ = يلحقه بحيث لا ينجبرُ
قدِّم حقه على الإطلاقِ = وكاد أن يكون باتفاقِ
وإن يكن منجبرًا فتعتبرْ = الجهة التي بها عمَّ الضررْ
وفي الذي في فعله إضرارُ = خُصَّ وفي المنعِ له استقرارُ
تقديمه إن يعتبر للحظِّ = أو لا ففيه غير هذا اللحظِ
والتَّركُ للحظِّ لهُ حالانِ = أولاهما حقيقةُ الإيمانِ
وذاك بالترك للاستبدادِ = وبالمواساة في الاعْتيادِ
ومن هنا شرعيَّةُ الزَّكاةِ = وما يواليها من الصلاةِ
ثانيةُ الحالَيْنِ في الإيثارِ = بالمالِ والنفسِ بالاختيارِ
وذاك معنى الجود والتوكلِ = وانظر لما قد جاء فيه عن علي
بل للذي جاء عن الرسولِ = فيه على الجملةِ والتفصيلِ
وكل من ليس له استقرارُ = في المنعِ والغيرُ له إضرارُ
فإن يكن يحصل قطعًا عادَهْ = فإنه يُمنعُ ما أرادَهْ
كحفر بئْرٍ خلف باب الدارِ = وربَّما ضمِّن في الإضرارِ
والأصل في مسألة الذكاةِ = بمُدْيَةِ الغَصْبِ عليه ياتي
فإن يكُ الإضرارُ فيه يَنْدُرُ = فإنَّ حقَّهُ هو المُعْتَبَرُ
لأنَّ في التَّحصيلِ للمنافعِ = إن غلبتْ هو اعتبارُ الشَّارعِ
وإن يكُ الإضرارُ ظنًّا يَحصُلُ = وغالبًا فالحظُّ فيه معمل
لكن الارجح اعتبار الظن = أن كان في بعض الامور يغني
معْ أنَّ باب السدِّ للذرائعِ = يدخلُ في ذا القسم في مواضعِ
وإن يكن ليس بغالبٍ ولا = بنادِرٍ فالخُلْفُ هاهنا انجلا
للاخذِ بالإذنِ يميلُ التابعِي = ومالك للسد للذرائعِ
والنَّهيُ عنه جاء في مسالكِ = ممَّا به يعضد قول مالكِ
المسألة السَّادسة
كلُّ مُكلَّفٍ وما من مَّانِعْ = بما يخصُّه من المنافعْ
ليس على الغير بها قيامُ = لكن إن اضطر فذا إلزامُ
ومن هنا شرعيَّةُ الإقراضِ = وما بمعناه من الأغراضِ
المسألة السابعة
وكل من كلف في العبادِ = صلاح غيره في الاعتيادِ
إن كان نادرًا بلا مشقَّهْ = على قيامه بما استحقَّهْ
فما على سواه من قيامِ = بما يَخصُّه على الدَّوامِ
وغيرُ قادرٍ ومن قد يَقْدِرْ = لكن على مشقةٍ تُعتبرْ
إن كان ما للغير لا يعمُّ = فما يخصُّهُ هو الأهمُّ
وإن يكن ما لسواه عمَّا = فلا سقوط عند ذاك ثما
لكن عليهم أن يقوموا بالذي = يصلحه على أتم مأخذِ
بحيث لا يلحقهم إضرارُ = به ولا يطرقه استقرارُ
مِنْ مِنَّةٍ يدركه أذاها = أو تهمة منصبه يأباها
ومن هنا يمنع للحكامِ = أخذ هديَّات أولي الخصامِ
وبيتُ مال المسلمين يرفعُ = كالوقفِ ما يبدي أذى ويدفعُ
وكل ذا حيث يكون الضررُ = دنيا وما عنه سواه يقصرُ
وإن يكن سواه لا يقومُ = به ففيه خلفهم معلومُ
وأصله مسألة التترسِ = بواحد لجملة من أنفسِ
¥