فعند الجمهور (وهو موضع إشكالك) لاشك أن دلالالة المنطوق على معناه أقوى من دلالة المفهوم، وهذه القوة في الدلالة راجعة - والله أعلم- لقوة وضوح المعنى في دلالة المنطوق عنها في المفهوم، كما أن مفهوم الموافقة أقوى (أوضح) في الدلالة من دلالة المخالفة، ولعله لهذا السبب يُسمى عند الشافعية بـ (القياس الجلي).حيث اعتبروا الوضوح والجلاء في التسمية
ثم إن نزلنا قليلا في الشجرة نجد أن النص أقوى وأجلى الدلالات وضوحا، وفي دلالة الالتزام تختلف درجة الوضوح في الدلالة على المراد، فما كان طريقه الاقتضاء أقوى وأوضح مما طريقه الإشارة -مثلا-، لأن في دلالة الاقتضاء يتوقف صدق الكلام أو صحته شرعا أو عقلا على تقدير محذوف، ولكن في دلالة الإشارة قد لا يفطن الناظر لها، بل تحتاج إلى دقيق نظر، كدلالة آية البقرة (في بيان حد الصيام) على أن الصائم إن طلع عليه الفجر وهو جنب فصومه صحيح، مع أن الآية ليس سياقها لذلك الحكم ولكن أشارت إليه،قال في المراقي:
فأول إشارة اللفظ لما ... لم يكن القصد له قد عُلما
وكذلك على الناحية الثانية من تقسيم الجمهور، نجد أن مفاهيم المخالفة تتدرج في قوة اعتبارها، فإنها ليست على درجة واحدة في القوة، وهذا راجع (والله أعلم) إلى مدى وضوح دلالتها على معناها، وقد بين درجات قوتها صاحب المراقي بدءا من قوله:
أضعفها اللقب وهو ما أبي ... من دونه نظم الكلام العربي
أعلاه لا يرشد إلا العلماء ... فما لمنطوق بضعف انتمى .....
وفي مساحة الغموض نجد عند الجمهو (المجمل) فهو لفظ ليس بشفّاف بل هو غليظ بدرجة لا يمكن أن نرى ما خلفه من دلالة ومعنى، فنحتاج إلى دليل خارجي لبيان معناه، و (المتشابه) وهو الذي لامطمع للناظر في بيان معناه لأنه مما استأثر به علم الله مثل كيفية أسماءه وصفاته على الحقيقة، والجنة والنار على الحقيقة ... قال فيه صاحب المراقي:
وما به استأثر علم الخالق ... فذا تشابه عليه أطلق
أرجو أن أكون قد وُفقتُ للفهم و الصواب من العلم، والموضوع مطروح للمناقشة والمدارسة، وأرجو ممن لديه معرفة أن يفيدنا وما أنا إلا طويلبة علم، والله أعلم
ـ[محمدالتهامي]ــــــــ[08 - 09 - 09, 05:37 م]ـ
أحسنت جميعا وأبدعتي أيتها النقاء.
فجزاكم الله الخير جميعا.
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[29 - 09 - 09, 11:30 م]ـ
للرفع، وأتمنى المواصلة، وعندي هنا مشاركة سأذكرها لاحقًا إن شاء الله
ـ[النقاء]ــــــــ[30 - 09 - 09, 12:43 ص]ـ
حقا!! نتمنى المواصلة والإفادة من الجميع، وتمنيت من المتخصصين أيضا أن يثروا هذا الموضوع!
وأما أختكم فقليلة العلم، وإنما جدت بما عندي وبما فهمت، ولو كان عندي المزيد لزدت، وما توقفي إلا لقلة البضاعة، وقد تعرض لي أثناء الدراسة بعض التقسيمات، فعند التحقق من صلاحيتها واستيعابها لن أتردد أبدا أن أضيفها في هذا الموضوع.
ـ[علي التنجدادي]ــــــــ[30 - 09 - 09, 03:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
مجهود جبار
ـ[النقاء]ــــــــ[03 - 10 - 09, 04:19 ص]ـ
هذه أبيات في المخصِّصات (بصيغة اسم الفاعل) وأنواعها جمعتها من نظم سيدي عبد الله –رحمه الله- (مراقي السعود) وجمعتُ منها تقسيماً للمخصصات، يحتويها في شكل شجري، وأسأل الله التوفيق والمعونة، وأسعد من إخواني التسديد والتقويم.
الأرقام على اليمين هي أرقام البيت من المنظومة، قال سيدي عبد الله –رحمه الله-:
394 - حروف الاستثناء والمضارع **من فعل الاستثناء وما يضارع
413 - ومنه ما كان من الشرط أعد **للكل عند الجل أو وفقا تفد
417 - ومنه في الإخراج والعود يُرى** كالشرط قل وصفٌ وإن قبل جرى
419 - ومنه غاية عموم يشملُ**لو كان تصريح بها لا يحصل
423 - وسم مستقله منفصلا**للحس والعقل نماه الفضلا
424 - وخصص الكتاب والحديث به**أو بالحديث مطلقا فلتنتبه
425 - واعتبر الإجماع جل الناس**وقسمي المفهوم كالقياس
426 - والعرف حيث قارن الخطابا**ودع ضمير البعض والأسبابا
427 - وذكر ما وافقه من مفرد**ومذهب الراوي على المعتمد
وتفصيلات اعتبارها، والخلاف فيها يُرجع فيها لكتب الأصول، والهدف هنا هو وضع تصور شكلي لمكان المخصص من بين المخصصات.
تفضلوا على الرابط
http://www.4shared.com/file/137147318/3e3bc7c8/__online.html
ـ[وليد الأزهري]ــــــــ[05 - 10 - 09, 04:49 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً ..
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[06 - 10 - 09, 11:24 م]ـ
بارك الله فيك على هذا المجهود، سأدرج مخططَّكِ أو شجيرتَكِ كصورة ضمن المشاركة حتى تتّضِح جليًّا للعيان:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71009&stc=1&d=1254853405
ـ[النقاء]ــــــــ[09 - 10 - 09, 11:40 م]ـ
استبطأنا ما وعدتنا به يا أستاذنا خلدون.
نرجو أن تكون في خير وعافية!!
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[10 - 10 - 09, 04:18 م]ـ
استبطأنا ما وعدتنا به يا أستاذنا خلدون.
نرجو أن تكون في خير وعافية!!
بارك الله فيكم، وزادنا الله حرصًا على البحث وطلب العلم
نعم وعدت بمشاركة هنا قبل أيام، وتأخرت في ذلك لانشغالي في الاعتناء بمنظومة تحفة الحكام في نُكت العقود والحكام لأبي بكر بن عاصم الأندلسي ت829هـ، في علم القضاء وفقه الحقوق ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=188487).
أما مضمون المشاركة هنا فقد قصدت رفع المخطَّط الموجود في كتاب الشيخ بن بيّه في طبعته الأولى (قرأت في هذا المنتدى أنه طبع ثانيًا وزاد حجمه إلى الضعف، فمن يعلم يؤكد ويفيد)، وكذلك الموجود في بحث الشيخ الدّو حول مراتب الدلالة
فيما يلي المخطّط الموجود في ص296 من كتابه أمالي الدلالات ومجالي الاختلافات، وأؤجل رفع بحث الدو بعد تنسيقه وبعض الأشكال الواردة فيه إلى مشاركة آتية إن شاء الله
شجرة الدلالات للشيخ بن بيه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=71069&stc=1&d=1255176051
¥