تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا عرفت ذلك علمت أن تقديم المثبت على النافي في هذه المسألة بعيد عن التحقيق العلمي ودقة النظر، وعلمت كذلك >سطحية وبعد قول الشيخ الألباني رحمه الله عن التدقيق العلمي والأصولي، وخطأه في تطبيق القاعدة إذا قال في "تمام المنة" (172):

" ... ولا تعارض بين هذه الأحاديث وبين حديث ابن عمر المتقدم بلفظ (ولا يرفعهما بين السجدتين)، لأنه ناف، وهذه مثبة، والمثبت مقدم على النافي كما هو مقرر في علم الأصول ... " اهـ

قال العبد الضعيف: بل المقرر في علم الأصول خلاف ذلك كما علمت، بل أبعد بعضهم أن يكون فيها خلاف، والأولى أن يقال:" ولا يقدم المثبت على النافي في هذه المسألة كما هو مقرر في علم الأصول .... "

وكأن هذه القاعدة التي وصفها بأنها مقررة خفيت على جماهير الفقهاء والأصوليين القائلين بعدم رفع اليدين حالة السجود، فإن علم عدم خفائها عليهم، علم أن الأمر غير متوقف على حرفية القاعدة، وأن المسألة ليست محلا لتطبيقها كما علمت ذلك من أقوال المحقيقين ...

الحالة الثانية: أن يكون النفي محصورا في واقعة معينة أو وقت معين أو غير ذلك:

هذه الحالة نظيرة الحالة السابقة، وهي إقتران النافي بالعلم، لأشتراكهما في النفي بالعلم.

ومعنى كونه محصورا أن يحصر النافي خبره أو شهادته في وقت معين أو في مكان معين، قال الزركشي في "البحر المحيط" (6/ 173) وهو يشرح هذه الحالة:

" ... وهو نظير النفي المحصور، وقد صرح أصحابنا بقبول الشهادة فيه، وكذلك لو شهد اثنان بالقتل في وقت معين، وآخران انه لم يقتل في ذلك الوقت لأنه كان معنا ولم يغب عنا تعارضا ... " اهـ

فالنفي المحصور والإثبات سواء، فلا يرجح احدهما على الآخر إلا بمرجح من الخارج، وهو اختيار النووي، وصححه الزركشي، والمرداوي، والشنقيطي رحمهم الله، وغيرهم

قال الزركشي في "البحر المحيط" (6/ 173):

" ... وكذلك لو شهد اثنان بالقتل في وقت معين، وآخران انه لم يقتل في ذلك الوقت لأنه كان معنا ولم يغب عنا تعارضا، وبحث فيه الرافعي، ورده النووي وقال: الصواب أن النفي إن كان محصورا يحصل العلم به قبلت الشهادة، وما قاله النووي صحيح، والنفي المحصور والإثبات سيان." اهـ

وقال المرداوي في "التحبير" (7/ 4190):

" فقولهم-أي الأصحاب- لا تقبل الشهادة بالنفي مرادهم إذا لم تكن محصورة، فإن كانت محصورة قبلت قاله الأصحاب، ... " اهـ

وقال الشنقيطي في "المذكرة" (554):

" والظاهر أن المثبت والنافي إن كانت رواية كل منها في شيء معين في وقت معين واحد أنهما يتعارضان.

فلو قال أحدهما: دخلت الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقت كذا ولم أفارقه ولم يغب عن عيني حتى خرج منها، ولم يصل.

وقال الاخر: رأيته في ذلك الوقت بعينه صلى فيها، فإنهما يتعارضان، فيطلب الترجيح من جهة أخرى، والله أعلم، وهذا أصوب من قول من قدم المثبت مطلقا، ومن قدم النافي مطلقا، ووجه تقديم رواية المثبت، أن معه زيادة علم خفيت على صاحبه، وقد عرفت ان ذلك لا يلزم في جميع الصور مما ذكرناه آنفا." اهـ

قال العبد الضعيف: ولا يشترط أن يكون إثبات المثبت محصورا كما نص على ذلك الشنقيطي. فانتبه.

مثال ذلك:

قد مر في كلام الزركشي السابق وكذا كلام الشنقيطي الذي مر آنفا أمثلة على هذه الحالة، وليس تبذيرا أن أزيد مثالا فأقول:

شهد شخص بطهارة إناء فيه ماء، وحصر نفيه وقال: هذا الإناء لم يغب عن عيني ولم أفارقه ولم أرى شيء سقط فيه أو غيره فنجسه، وقال آخر هذا الماء نجس بال فيه صبي.

فالذي قال بطهارة الإناء هو النافي للحكم الطارىء وهو النجاسة، وكان نفيه محصورا، والذي قال بنجاسة الإناء هو المثبت، لأنه أثبت شيئا خلاف الأصل، فإنهما يتعارضان ولا يقدم أحدهما على الآخر إلا بمرجح آخر كالضبط والكثرة وغير ذلك

والمرجح في هذه الحالة هو الأصل، والنفي أقوى من المثبت لأنه اعتضد بالأصل ألا وهو الطهارة ....

الحالة الثالثة: يقدم النافي للحد على المثبت له:

إذا تعارض خبران ودليلان، أحدهما يثبت الحد ويوجبه، والآخر يسقطه وينفيه، فقد إختلف الأصوليون رحمه الله في أيهما يقدم.

فالذي عليه المالكية، وأكثر الأصوليين، واختاره الآمدي، وجزم به البيضاوي، وابن الحاجب، والزركشي، والمرداوي، أن النافي للحد مقدم على المثبت له.

ملاحظة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير