تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2/ أن يبين المستدلّ أنّ الخلاف مقصود يعرض له في الدليل إمّا بإقرار أو باعتراف من المعترض، كأن يجيب المستدلّ: " بأنّ الكلام في محلّ النزاع وهو صحة بيع الغائب مثلا، لا فيما اعترض به الخصم وهو ثبوت خيار الرؤية وقد ورد فيه الاستدلال. وذلك فيما تيسر له وفي حدود الإمكان.

3/ أن يبين أنّ المسألة مشهورة بالخلاف بالنقل عن أئمة المذهب، كاستدلال المستدلّ في مسألة المديون لو ذكر في الدليل حكما أنّ الدين لا يمنع وجوب الزكاة، فيقول المعترض: " أسلم أنّه لا يمنع ذلك، لكن لم قلت أنّ الزكاة تثبت؟ " فيجيب المستدل: "هذا القول بالموجب لا يُسمع لأنّ محل النزاع في هذه المسألة مشهورة "، والشهرة بذلك دليل وقوع الخلاف فيه، ودعوى جهل بالمشهورات غير مقبولة (26).

الثاني: أن يبين المستدل بأنه محل النزاع أو لازمه.

ومثاله أن يستدل في مسألة قتل المسلم بالذمي بقوله: " لا يجوز قتل مسلم بذمي قياسا على الحربي ".

فيقول الخصم: " أقول بالموجب، وهو عدم الجواز، بل يجب قتله به لأن المراد من قولهم: " لا يجوز " نفي الإباحة التي معناها استواء الطرفين، ونفيها ليس نفيا للوجوب ولا مستلزما له.

وللمستدل أن يجيب: " إن المعني بعدم الجواز تحريمه، ويلزم من ثبوت التحريم نفي الوجوب لاستحالة الجمع بين الضدين: الوجوب والتحريم " (27).

الثالث: وطريق المستدلّ في الدفع أن يبين أنّ القول بالموجب فيه تغيير لكلام المستدل عن ظاهره فلا يكون قولا بموجبه.

ففي مسألة وجوب زكاة الخيل واعتراض الخصم بالقول بموجبه غير أنّه يحمله المعترض على الصورة المتفق عليها وهي زكاة التجارة، ويبقى النزاع في زكاة العين.

فللمستدلّ أن يجيب بأنّه: "إذا كان النزاع في زكاة العين، فإنّ ظاهر كلامي منصرف إليها بقرينة الحال، أو بتعريفنا للزكاة بالألف واللام في سياق الكلام فينصرف إلى موضع الخلاف ومحل الفتيا، ولأنّ لفظ الزكاة يعمّ زكاة العين والتجارة، فالقول به في زكاة التجارة قول بالموجب في صورة واحدة ولا يستقيم لأنّ موجب الدليل التعميم، والقول ببعض الموجب لا يكون قولا بالموجب بل ببعضه (28).

هذا، وينقطع المعترض بإيراد القول بالموجب على وجه يغيّر كلام المستدل عن ظاهره لأنّ وجوده كعدمه.

ومثاله: فيما إذا قال المستدل في مسألة إزالة النجاسة: "مائع لا يزيل الحدث، فلا يرفع النجس والخبث، كالمرق".

فيقول المعترض: "أقول بموجبه، فإنّ الخل النجس –عندي- لا يزيل الحدث والخبث".

وللمستدل أن يجيب بأنّ ظاهر كلامه إنّما هو الخل الطاهر، ضرورة وقوع النزاع فيه، وهو معلوم من حال المستدل، واللفظ يتناوله، فلا يصح إيراد القول بالموجب على وجه يلزم منه تغيير كلام المستدل عن ظاهره (29).

الرابع: وطريق المستدل في الدفع أن يبين جواز الحذف لإحدى المقدمتين، مع العلم بالمسكوت عنه كونه مرادا ومعلوما، فلا يضر حذفه بدليل المجموع لا المذكور لوحده، لأنّ مراد المستدل أن الصغرى وإن كانت محذوفة لفظا فإنّها مذكورة تقديرا، والمجموع يفيد المطلوب.

هذا، وله أن يدفع في الأنواع الأربعة بقرينة أو بلام العهد، لأنّ العهد مقدم على الجنس والعموم أو نحوه (30).

في إبداء مستند القول بالموجب

الجدليون في وجوب تكليف المعترض إبداء مستند القول بالموجب كأن يقول: " التفاوت في الآلة لا يمنع القصاص، ولكن لا يجب لانتفاء السبب"، أو يقول: " أسلم أنّ زكاة التجارة تجب في الخيل، لكن زكاة العين لا تجب، ويدل على عدم الوجوب ما يبديه من دليل".

فذهب بعضهم إلى إلزامه بإبداء المستند لقربه من ضبط الكلام وصونه عن الخبط، ولاحتمال أن يكون هذا هو المأخذ عنده كيلا يأتي به نكرا وعنادا على المستدل ليفحمه، وربما لم يكن خفاء في نفس الأمر فيفضي إلى تضييع فائدة المناظرة.

وذهب آخرون إلى عدم إلزامه بذلك، لأنّه وفّى بما هو حقيقة القول بالموجب وبقي الخلاف بحاله، فيظهر أنّ ما ذكره ليس بدليل، وعلى المستدل الجواب وهو أعرف بمأخذ مذهبه، فوجب تصديقه فيما ادعاه لغيره من الأخبار (31) واختاره الآمدي (32).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير