كلِّه، واستمر مقيمًا في كنفه على نشر العلم، فكثُرَ الانتفاعُ به، وقصده الطلبةُ، فاستقرت قدمه بزَبيد مع الاستمرار في وظيفته إلى حين وفاته، وهي مدة تزيد على عشرين سنة بقية حياة الأشرف ثم ولده الناصر أحمد، وفي مدة إقامته بزَبيد قدم مكة مرارًا، فجاور بها وبالمدينة النبوية والطائف.
رحلته
تلقَّى الفيروزآبادي علومه عن مشاهير علماء عصره كما يتبيَّن من خلال رحلته، كما أخذ عنه علماءُ هم جهابذة زمانهم كابن حجر والصلاح الصفدي وابن عقيل والجمال الإسنوي، مما هيَّأ له ـ إضافةً إلى نبوغه ـ أسبابَ الشهرة، ومهَّد له الارتقاءَ إلى منزلة رفيعة، نال بها حُظوة كبيرة لدى العلماء والحكام، فأخذوا يُطرونه ويُثنون عليه ويصفون جليل قدره، وكبير شأنه. قال ابن حجر: ولم يُقدَّر له قط أنه دخل بلدًا إلا وأكرمه متولِّيها، وبالغ في إكرامه، مثل شاه شجاع صاحب تَبْريز، والأشرف صاحب مصر، والأشرف صاحب اليمن، وابن عثمان صاحب التركية، وأحمد بن أويس صاحب بغداد وغيرهم. ويذكر ابن حجر قوة حافظته وحِدَّة ذكائه، فيقول: وكان سريع الحفظ بحيث كان يقول: لا أنام حتى أحفظ مائتي سطر. ثم ذكر أنه لقيه، وأخذ عنه، فقال: اجتمعت به في زَبيد وفي وادي الخصيب، وناولني جُلَّ "القاموس"، وأَذِنَ لي مع المُناولة أن أرويه عنه، وقرأتُ عليه من حديثه عدة الأجزاء، وسمعتُ من المسلسل بالأولية بسماعه من السُّبْكي، وكتب لي تقريظًا على بعض تخريجاتي أبلغ فيه ولقد بلغ من منزلته أن السلطان الأشرف جلس في درسه، وسمع الحديث منه. قال الخزرجي: وفي شهر رمضان من هذه السنة سمع السلطان "صحيح" البخاري من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على القاضي مجد الدين يومئذ، وكان ذا سندٍ عال. ومما زاد في منزلته ورِفعته أن السلطان الأشرف تزوَّج بابنته، وكانت رائعة في الجمال، فنال منه زيادة البِرِّ والإكرام، حتى إنه صنَّف له كتابًا، وأهداه على أطباق، فملأها له دراهمَ. ويصرِّح الخزرجي بأنه كان شيخ عصره في الحديث والنحو واللغة والتاريخ والفقه، ومشاركًا فيما سوى ذلك مشاركة جيدة. وقال التقي الكرماني: كان عديم النظير في زمانه نظمًا ونثرًا بالفارسي والعربي، جابَ البلاد، وسار إلى الجبال والوِهاد، ورحل وأطال النَّجْعة، واجتمع بمشايخ كثيرة عزيزة، وعَظُمَ بالبلاد. ويُورد الخزرجي خبرًا يُظهر مدى تقدير العلماء والفقهاء لمصنَّفاته، وعِظَمَ احترامهم وإجلالهم لها، فقال: وفي اليوم الخامسَ عشرَ من شعبان أفرغ القاضي مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي كتابه المسمَّى بالإصعاد، وحُمل إلى باب السلطان مرفوعًا بالطبول والمغاني، وحضر سائر الفقهاء والقضاة والطلبة، وساروا أمام الكِتاب إلى باب السلطان، وهو ثلاثة مجلَّدات، يحمله ثلاثة رجال على رؤوسهم، فلمَّا دخل على السلطان وتصفَّحه، أجاز مصنِّفه المذكور بثلاثة آلاف دينار. إن هذا الموكب المَهيب الذي سار بين يدي مصنَّف من مصنَّفاته يكفي للدلالة على ذلك المقام العالي الذي وصل إليه، وتبيُّن المجد المؤثَّل الذي حصل عليه، فليس عجيبًا أن يُلقَّب إذن بمجد الدين.
منزلته
1. القاموس المحيط.
2. تحبير المُوشِّين في التعبير بالسين والشين. وهو مطبوع.
3. شرح قصيدة بانت سعاد في مجلدين.
4. الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف.
5.الدرر المبثَّثة في الغرر المثلثة. وهو مطبوع
6. المثلث الكبير في خمسة مجلدات.
7. أنواء الغيث في أسماء الليث.
8. الجليس الأنيس في أسماء الخندريس.
9. مقصود ذوي الألباب في علم الإعراب.
10. أسماء السراح في أسماء النكاح.
11. بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز. وهو مطبوع.
12. تفسير فاتحة الكتاب.
13. حاصل كورة الخلاص في فضائل سورة الإخلاص.
14. تنوير المقباس في تفسير ابن عباس. وهو مطبوع.
15. روضة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر.
16. المرقاة الوفية في طبقات الحنفية.
17. المرقاة الأرفعية في طبقات الشافعية.
18. البلغة في تراجم أئمة النحاة واللغة. وهو مطبوع.
19. نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان.
20. شوارق الأسرار العلية في شرح مشارق الأنوار النبوية.
21. منح الباري بالسيل الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري.
¥