تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لها: أنت منذ كم فى هذا الموضع؟ قالت: «ثلاث ليال سويا» فقلت: ما أرى معك طعاماً تأكلين. قالت: «هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» فقلت: فبأى شئ تتوضئين؟ قالت: «فَإن لَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا». فقلت لها: إن معى طعاماً؛ فهل لك فى الأكل؟ قالت: «ثم أتموا الصيام إلى الليل» فقلت: ليس هذا شهر رمضان. قالت: «وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ» فقلت: قد أبيح لنا الإفطار فى السفر. قالت: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» فقلت: لم لا تكلميننى مثل ما أكلمك؟ قالت: «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» فقلت: فمن أى الناس أنت؟ قالت: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا» فقلت: قد أخطأت فاجعلينى فى حل. قالت: «لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ» فقلت: فهل لك أن أحملك على ناقتى هذه فتدركى القافلة؟ فقالت: «وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ» قال: فأنخت ناقتى قالت: «قل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ» فغضضت بصرى عنها، وقلت: اركبى. فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة، فمزقت ثيابها فقالت: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» فقلت لها: اصبرى حتى أعقلها، قالت: «فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ» فعقلت الناقة وقلت لها: اركبى فلما ركبت قالت: «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ» قال: فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسرع وأصيح، فقالت: «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ» فجعلت أمشى رويداً رويداً وأترنم بالشعر، فقالت: «فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ» فقلت لها: لقد أوتيت خيراً كثيراً قالت: «وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ» فلما مشيت بها قليلاً قلت: ألك زوج؟ قالك: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» فسكت ولم أكلمها حتى أدركت بها القافلة، فقلت لها: هذه القافلة فمن لك فيها؟ فقالت: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» فعلمت أن لها أولاداً، فقلت: وما شأنهم فى الحج؟ قالت: «وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» فعلمت أنهم أدلاَّء الركب، فقصدت بها القباب والعمارات فقلت: هذه القباب فمن لك فيها قالت: «وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا» «وكلم الله موسى تكليما» «يَايَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ» فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا، فلما استقر بهم الجلوس، قالت: «فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ» فمضى أحدهم فاشترى طعاماً فقدموه بين يدىّ، وقالت: «كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ» فقلت: الآن طعامكم على حرام حتى تخبرونى بأمرها. فقالوا: هذه أمنا منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن، مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن، فسبحان القادر على ما يشاء، فقلت: «ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ».

أما المثال الثانى فهو من الشعر، ويتمثل فى قصيدة طنانة لشمس الدين الطيبى، وقد وصفها الحافظ ابن حجر العسقلانى بأنها من النوادر؛ لأن الشاعر اقتبس فيها أكثر فواصل الآيات فى سورة مريم، وهذا نصها:

إذ نووا للنوى مكاناً قصيا

\

لست أنسى الأحباب ما دمت حيا

خيفة البين سجداً وبكيا

\

وتلوا آية الدموع فخروا

كلما اشتقت بكرة وعشيا

\

فبذكراهم يسبح دمعى

كمناجاة عبده زكريا

\

وأناجى الإله من فرط حزنى

فى ظلام الدجى نداءً خفيا

\

واختفى نورهم فناديت ربى

رب بالقرب من لدنك وليا

\

وهن العظم بالبعاد فهب لى

لم أكن بالدعاء رب شقيا

\

واستجب فى الهوى دعائى فإنى

كان يوم الفراق شيئاً فريا

\

قد فرى قلبى الفراق وحقاً

كنت نسياً يوم النوى منسيا

\

ليتنى مت قبل هذا وأنى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير