ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[13 - 01 - 08, 12:57 ص]ـ
8 - هل تذوقت هذا المطلع!
ألا كلّ ماشية الخيزلي ... فدى كلّ ماشية الهيدبي
(الخيزلي والخوزلي: مشية النساء، وهي مشية فيها تثنى وتفكك، والهيدبي: مشية الإبل فيها سرعة).
مطلع لا كالمطالع ... وأسلوب عجيب في ذكر النساء!
درج الشعراء في الطلليات على الحنين إلى" الثبات" والتألم من" الحركة":
-لو يثبت الطلل على حاله، فلا تنال منه عوادي الزمان ..
-لو يثبت الزمن عند الماضي،فلا غد ولا بعد غد ..
-لو يثبت الحبيب في الدار، فلا ظعن ولا رحلة.
-لو يثبت الشاعر،مع تلك الثوابت ..
الحركة رحلة،والرحلة فراق، والفراق موت ..
وقدر الشاعر أن يبحث عن العنصر الإنساني التائه أبدا في مساحات البيداء ..
أما أبو الطيب فيؤسس قيما مضادة:
-الثبات موت والحركة حياة ...
(يأتي من مغرب الشمس صدى ابن دراج القسطلي:
ألم تعلمي أن الثواء هو التوى ... وأن بيوت العاجزين قبور!)
... فتكون الرِّجل أهم ما في الكائن ... وتكون المشية أهم الوظائف ...
ويكون تصنيف الكائنات بحسب مشيها ...
هذه مشية فيها تثنى وتفكك ....
وهذه مشية فيها قوة وسرعة ...
ضعف وقوة ...
تصنع وطبيعة ...
إغراء بالمقام وحث على الرحيل ..
خضوع للشهوة وركوب للمخاطر ...
كيفما قلبت الأمور لا ترقى الخيزلى إلى الهيدبا ..
والبقاء للمغامر الأقوى ..
فلتكن صاحبة المشية الأضعف قربانا لصاحبة المشية الأقوى ..
.. (نيتشوية قبل نيتشه!!)
أوَ يكون نوع الإنسان أخس من نوع البعير .. !
أبو الطيب نظره إلى المشية لا إلى الماشي ...
فاعذروا أبا الطيب!
ماشية الخيزلي تعد بالثبات والقناعة والاستسلام للشهوات .. فأين وعود المجد!!
هي في خف البعير ..
فاعذروا أبا الطيب مرة أخرى!!
ـ[ابو العلا]ــــــــ[13 - 01 - 08, 10:27 ص]ـ
ما شاء الله لا قوة الا بالله
الله يزيدك من علمه
وارجو منك أن تشرح اكثر عن الشعر الحر او شعر الحداثة "" ان كان لديك وقت""
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 - 01 - 08, 12:26 ص]ـ
9 - قال أمل دنقل -قصيدة زهور-:
وسلالٌ منَ الورِد,
ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه
وعلى كلِّ باقةٍ
اسمُ حامِلِها في بِطاقه
...
تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ
أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
َلحظةَ القَطْف,
َلحظةَ القَصْف,
لحظة إعدامها في الخميلهْ!
تَتَحدثُ لي ..
أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين
ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ
أيدي المُنادين,
حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ
تَتَحدثُ لي ..
كيف جاءتْ إليّ ..
(وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)
كي تَتَمني ليَ العُمرَ!
وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!
...
كلُّ باقهْ ..
بينَ إغماءة وإفاقهْ
تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً .. ثانيهْ
وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ ...
اسمَ قاتِلها في بطاقهْ!
قصيدة رائقة .. استطاع الشاعر أن يحول فيها لقطة عادية إلى لحظة شعرية عميقة:
اللقطة العادية:
زوار يعودون مريضا لهم في المستشفى، يقدمون له باقات ورد كما يقتضي ذلك العرف وأدب المجاملة ...
اللحظة الشعرية:
-الشاعر يصرف النظر عن الزوار ... ويصرف النظر عن الدلالة الاجتماعية لإهداء الزهور .... ويتعلق نظره فقط بهذه الزهور وحدها ... كاشفا عن معناها الوجودي بعيدا عن الترسيم الاجتماعي .. من خلال حوار صامت عميق بين الشاعر والباقة ..
-شتان بين رؤية الإنسان العادي ورؤية الشاعر:
الزهور عند الأول نبات ملون يشترى لمجاملة اقتضاها العرف .. وعند الثاني كائنات حية لها حس وشعور وفكر وكلام ....
الزهور تقطف عند الأول .. وتقطع رؤوسها عند الثاني ..
فعل نفعي عادي عند الأول .... جريمة بشعة عند الثاني ..
البطاقة تدل على صاحب الباقة المجامل عند الأول ... هي إجرام ووقاحة عند الثاني .. فهذا المجرم قتل الزهرة .. وكانت وقاحته من الخسة أن أعلن ببطاقته عن جريمته .. افتخارا وزهوا ..
-تاريخ الزهور بئيس حقا:
قتل بدون سبب:
"أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
َلحظةَ القَطْف"
إهانة وذلة:
"أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين
ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ
أيدي المُنادين"
تبذل وسفسفة:
حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ
-الزهور هي الشاعر نفسه ...
والمفارقة رهيبة:
¥