[شبهة شعرية!]
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[11 - 02 - 08, 06:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
ورد في صحيح مسلم:
عَنْ عَائِشَةَ أم المؤمنين –رضي الله عنها-:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حَسَّانُ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ،فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ،قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ،وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى"
قَالَ حَسَّانُ:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ //*// وَعِنْدَ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا //*// رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي //*// لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا //*// تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ
يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ //*// عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ //*// تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا //*// وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ //*// يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا //*// يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا //*// هُمْ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ //*// سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ //*// وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللَّهِ فِينَا //*// وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
ورد في ثمار القلوب في المضاف والمنسوب:
"قال الجاحظ: فلا ينبغي أن يكون ما قال حسان إلا حقا، وكيف يقول باطلا،والنبي صلى الله عليه وسلم يأمره وجبريل يسدده والصديق يعلمه،والله يوفقه "
وقال غيره من ظريف أمر حسان أنه كان يقول الشعر في الجاهلية فيجيد جدا، ويغبر في وجوه الفحول، ويدعي أن له شيطانا يقول الشعر على لسانه، كعبارة الشعراء في ذلك فلما أدرك الإسلام وتبدل الشيطان بالملك تراجع شعره وكاد يرك قوله، هذا ليعلم أن الشيطان أصلح للشاعر وأليق به وأذهب في طريقه من الركاكة، وأنا أستغفر الله من هذا القول فإني أكرهه"
ومع أن كاتب الكتاب يكره هذا القول فقد أورده، لكنه لم يرد عليه!.
والرد عليه بسيط كما يبدو لي، وهو فيما يلي:
قال القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي (447هـ):
وبالإسناد عن عبد الرحمن بن حسان، عن أبيه حسان بن ثابت أنه قال:
قلت بيتا في الجاهلية، فخشيت أن أموت قبل أن أصبح، فصعدت فوق أطيمة لي ثم صحت بالأوس، فاجتمعوا فقالوا:هل طرقك أمر؟
فقلت: لا، ولكني قلت بيتا فخشيت أن أموت قبل أن اسمعكموه.
فقالوا: وما دعوتنا إلا لهذا؟
قلت: نعم.
قالوا: فهاته. فأنشأ يقول:
رُب حِلمٍ أضاعَه عَدَم الما ... ل وجهلٍ غطّى عليه النعيمُ
قال: فاستحسن الكل ذلك، ثم ابتدأت بها، فقلت أبياتا.
وخرجت إلى الموسم، وكان النابغة الذبياني تضرب له قبة من أدم في سوق عكاظ، فيأتيه الشعراء، وينشدون أشعارهم فأنشد حسان:
لنا الجفَنَاتُ الغر يلمعن في الضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بني العنقاء وابني محرق ... فأكرِم بنا خالا وأكرم بنا ابنما
قال النابغة: أنت شاعر، ولكنك قلت جفانك وسيوفك، ولم تكثرها، وافتخرت بمن ولدت، ولم تفخر بمن ولدك، فعاب عليه موضعين من هذين البيتين، وهو عيب صحيح.
ومعنى قوله: " قللت جفانك " أن جفنات جمع القليل وجمع الكثير جفان، والفخر بالكرم ينبغي أن يكون بالكثير لا بالقليل.
· لطائف الأخبار وتذكرة أولي الأبصار،صـ: 335.
http://72.232.160.194/~ahl/vb/showthread.php?t=118360 (http://72.232.160.194/~ahl/vb/showthread.php?t=118360)