تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هدم اللغة العربية]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[09 - 03 - 08, 12:06 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

[هدم اللغة العربية]

كانت الشعبةُ الثالثة من الدعوات الهدَّامة تتَّجه إلى اللغة العربية؛ تريد أن تفرق المجتمعين عليها بِمُختلِف الحيل والأساليب، تحت ستارٍ منَ الرغبة في الإصلاح، وفي مُسايَرَةِ الزمان، وقبل أن أدخل في تفاصيل المسألة، أحب أن أعرض تاريخها عرضًا سريعًا في لمحة خاطفة، لنتبين مصادر هذه الدعوة، فقد يُعِينُنا ذلك على تصوّر مبلغ ما فيها من الصدق والإخلاص والبراءة من الهوى، بدأت هذه الدعوى في أواخر سنة 1881م حين اقترح "المقتطف" كتابة العلوم باللغة التي يتكلمها الناس في حياتهم العامة، ودعا رجال الفكر إلى بحث اقتراحه ومناقشته، ولا أراني في حاجة إلى أن أتحدث عن "المقتطف" وعن ميوله السياسية، والجهات التي كان يخدمها، فقد تكلمت عنه وعن شقيقه "المقطم" في الجزء الأول من هذا الكتاب، ثم هاجت المسألة مرة أخرى في أوائل سنة 1902م حين ألَّف أحد قضاة محكمة الاستئناف الأهلية في مصر من الإنجليز – وهو القاضي ولمور – كتابًا عمَّا سمَّاه لغة القاهرة، وضع لها فيه قواعد، واقترح اتخاذها لغة للعلم والأدب، كما اقترح كتابتها بالحروف اللاتينية، وتنبَّه النَّاس لِلكتاب حين أشاد به "المقتطف" في "باب التقريظ والانتقاد"، فحملتْ عَلَيْهِ الصحف، مشيرة إلى موضع الخطر من هذه الدعوة التي لا تَقْصِدُ إلاَّ إلى محاربة الإسلام في لغته، وفي ذلك الوقت كتب حافظ قصيدته المشهورة، التي يقول فيها، مُتَحدّثًا بِلِسان اللغة العربية [1] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn1):

رَجَعْتُ لِنَفْسِي فَاتَّهَمْتُ حَصَاتِي وَنَادَيْتُ قَوْمِي فَاحْتَسَبْتُ حَيَاتِي

رَمَوْنِي بِعُقْمٍ فِي الشَّبَابِ وَلَيْتَنِي عَقِمْتُ فَلَمْ أَجْزَعْ لِقَوْلِ عُدَاتِي

وَلَدْتُ وَلمَّا لَمْ أَجِدْ لِعَرَائِسِي رِجَالاً وَأَكْفَاءً وَأَدْتُ بَنَاتِي

وَسِعْتُ كِتَابَ اللَّهِ لَفْظًا وَغَايَةً وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ

فَكَيْفَ أَضِيقُ اليَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ؟

أَنَا البَحْرُ فِي أَحْشَائِهِ الدُّرُّ كَامِنٌ فَهَلْ سَاءَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي؟

فَيَا وَيْحَكُمْ أَبْلَى وَتَبْلَى مَحَاسِنِي وَمِنْكُمْ وَإِنْ عَزَّ الدَّوَاءُ أُسَاتِي

فَلا تَكِلُونِي لِلزَّمَانِ فَإِنَّنِي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَحِينَ وَفَاتِي

أَرَى لِرِجَالِ الغَرْبِ عِزًّا وَمَنْعَةً وَكَمْ عَزَّ أَقْوَامٌ بِعِزِّ لُغَاتِ

أَتَوْا أَهْلَهُمْ بِالمُعْجِزَاتِ تَفَنُّنًا فَيَا لَيْتَكُمْ تَأْتُونَ بِالكَلِمَاتِ

أَيُطرِبُكُمْ مِنْ جَانِبِ الغَرْبِ نَاعِبٌ يُنَادِي بِوَأْدِي فِي رَبِيعِ حَيَاتِي؟

وَلَوْ تَزْجُرُونَ الطَّيْرَ يَوْمًا عَرَفْتُمُ بِمَا تَحْتَهُ مِنْ عَثْرَةٍ وَشَتَاتِ

سَقَى اللَّهُ فِي بَطْنِ الجَزِيرَةِ أَعْظُمًا يَعِزُّ عَلَيْهَا أَنْ تَلِينَ قَناتِي

حَفِظْنَ وِدَادِي فِي البِلَى وَحَفِظْتُهُ لَهُنَّ بِقَلْبٍ دَائِمِ الحَسَرَاتِ

وَفَاخَرْتُ أَهْلَ الغَرْبِ وَالشَّرْقُ مُطْرِقٌ حَياءً بِتِلْكَ الأَعْظُمِ النَّخِرَاتِ

أَرَى كُلَّ يَوْمٍ بِالجَرَائِدِ مَزْلَقًا مِنَ القَبْرِ يُدْنِينِي بِغَيْرِ أَنَاةِ

وَأَسْمَعُ لِلكُتَّابِ فِي مِصْرَ ضَجَّةً فَأَعْلَمُ أنَّ الصَّائِحِينَ نُعَاتِي

وثارت المسألة من جديد، حين دعا إنجليزي آخر، كان مهندسًا للري في مصر – وهو السير وليم ولكوكس – سنة 1926 إلى هجر اللغة العربية، وخطا بهذا الاقتراح خطوة عملية، فترجم أجزاء من الإنجيل إلى ما سماه "اللغة المصرية"، ونوَّه سلامة موسى بالسير ولكوكس وأيَّده، فثارت لذلك ثائرة الناس من جديد، وعادوا لمهاجمة الفكرة، والتنديد بما يكمن وراءها من الدوافع السياسية، ولكنَّ الدعوة استطاعت أن تجتذب نفرًا من دعاة الجديد في هذه المرة، فاتَّخذوا القوميَّة والشعبيَّة ستارًا لدعوتهم، حين كان لمثل هذه الكلمات رواج، وكان لها بريق خداع يعشي الأبصار، وحين كان الناس مفتونين بكل ما يحمل هذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير