[الشاذ في اللغة والقرآن الكريم]
ـ[سامي الفقيه الزهراني]ــــــــ[11 - 02 - 08, 02:12 م]ـ
يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله-: «وربما يظن من لم يطلع على مقاصد النحويين أن قولهم:
شاذ أو لا يقاس عليه أو بعيد في النظر القياسي أو ما أشبه ذلك ضعيف في نفسه وغير فصيح, وقد يقع
مثل ذلك في القرآن فيقومون بالتشنيع على قائل ذلك, وهم أولى لعمر الله أن يشنّع عليهم, ويمال نحوهم بالتجهيل والتقبيح, فإن النحويين إنما قالوا ذلك لأنهم لما استقرءوا كلام العرب ليقيموا منه قوانين يحذى حذوها وجدوه على قسمين: قسم سهل عليهم فيه وجه القياس ولم يعارضه معارض لشياعه في الاستعمال, وكثرة النظائر فيه فأعملوه بإطلاق علماً بأن العرب كانت تفعل ذلك في قياسه.
وقسم لم يظهر لهم في وجه قياس أو عارضه معارض لقلته وكثرة ما خالفه, فهنا قالوا: إنه شاذ أو موقوف على السماع أو نحو ذلك , بمعنى أننا نتبع كلام العرب فيما تكلموا به من ذلك, ولا نقيس غيره عليه, لا لأنه غير فصيح بل لأنا نعلم أنها لم تقصد في ذلك القليل أن يقاس عليه أو يغلب الظن ذلك, وترى المعارض له أقوى وأشهر وأكثر في الاستعمال, هذا الذي يعنون لا أنهم يرمون الكلام العربي بالتضعيف والتهجين حاش لله, وهم الذين قاموا بفرض الذب عن ألفاظ الكتاب, وعبارات الشريعة, وكلام نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهم أشدّ توقيراً لكلام العرب وأشد احتياطاً عليه ممن يغمز عليهم بما هم منه براء اللهم إلا أن يكون في العرب من بعد عن جمهرتهم, وباين بحبوحة أوطانهم, وقارب مساكن العجم, أو ما أشبه ذلك ممن يخالف العرب في بعض كلامها وأنحاء عبارتها, فيقولون: هذه لغة ضعيفة أو ما أشبه ذلك من العبارات الدالة على مرتبة تلك اللغة في اللغات. فهذا واجب أن يعرّف به, وهو من جملة حفظ الشريعة والاحتياط لها, وإذا كان هذا قصدهم وعليه مدارهم فهم أحق أن ينسب إليهم المعرفة بكلام العرب ومراتبه في الفصاحة وما من ذلك الفصيح قياس, وما ليس بقياس , ولا تضر العبارات إذا عرف الاصطلاح فيها ... » [3/ 457 - 458 المقاصد الشافية]
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - 02 - 08, 09:47 م]ـ
أحسنت يا شيخنا الفاضل
وهذا المجلد (أعني الثالث) يكاد يكون أفضل مجلدات المقاصد الشافية تحقيقا، وأقلها تصحيفا.
وكلام الشاطبي هذا نفيس جدا، وقد أشار إلى هذا المعنى في مواضع أخرى كثيرة، وهذا أكبر ما يميز شرحه هذا؛ أنه يبين الأصول النحوية وسبب الخلاف، وكيفية الترجيح.
وقد نقل كلاما نفيسا عن شيخه ابن الفخار في الرد على أبي حيان في هذا المجلد نفسه (ص 558).
وقال كلاما نفيسا أيضا في المجلد الخامس (ص 293) يقرب من هذا الأصل.
والكتاب جدير بأن يفرد بالدراسة في رسائل جامعية، وأما رسالة (الأدلة النحوية الإجمالية) فأراها لا تكفي ولا تشفي الغلة.
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[11 - 02 - 08, 10:26 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
سمعت أحد المختصين باللغة العربية يقول:
القرآن الكريم هذب لغة العرب ويسر للناس تعلمها، بدليل قوله تعالى:
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} (القمر:17)
فما يقارب 2,5% من جذور اللغة العربية الموجودة في لسان العرب موجودة في القرآن الكريم فقط.
والقرآن الكريم ألفاظه بعيدة عن حوشي الألفاظ العربية إذا صح التعبير.
وهذا لا يتعارض مع ما نقله أخي الفاضل كما أظن.
والله أعلم وأحكم.