تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره؟؟]

ـ[خالد مبارك عريج]ــــــــ[20 - 06 - 10, 11:25 ص]ـ

[هل يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره؟؟]

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد:

فهنالك سؤال يتردد إلى مخيلتي بين الفينة و الأخرى , و سؤال يبرز عند قراءتي لأي نص أدبي , سواء كان قصيدة عمودية , أو تفعيلية, أو قصيدة نثر (كما تسمى) **و إن كنت في نظري المتواضع لا ألحق النوعين الآخرين بركب القصائد ,,و لكنها لا شك إبداع أدبي من نوع آخر و ليسميه منتحلوه ما شاءوا.

و السؤال هو (هل يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره؟

هذا السؤال جعل إجابته كثير من النوابت على ساحة القريض سلما يتسلقون منه إلى عالم ليسوا من أهله و سماء ليسوا أهلا بأن تقلهم ..

نعم ,, و منذ الأزمان المتقدمة شعريا و نحن لا نرى تكلفا في حبك القصائد أو نظمها ,, بل إن من يتكلف هذا الأمر يصنف إما أنه من أرباب حوشي الكلام و غريبه ,.هذا إن كان للكلام و الشعر_زعم المتسلق_ معنى , أما إذا لم يكن له معنى أو أنه مجرد تمتمات من لا يفقه فإنه يرمى في _زبالة_ التاريخ (و عذرا على اللفظ.).

أتانا الأعشى بطامة تكاد تسحق ماضيه المشرق الناصع فقال:

حتى غدوت إلى الحانوت يتبعني شاو مشل شلول شلشل شول.

*و أنا أنبه إلى أن لكل زمن حيثياته التي ترتبط به أدبيا و لغويا. و لكن لا يعزب عنا أنه و في عصر الأعشى كان هناك من يقول بلفظ سلس جميل): و هو الملك الضليل)

أجارتنا إن المزار قريب و إني مقيم ما أقام عسيب

أجارتنا إنا غريبان هاهنا و كل غريب للغريب نسيب

**

حتى لا نبتعد عن صلب سؤالنا: و هو هل يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره؟

المقصود من السؤال هو أنه هل يسوغ للأديب و أخص الشاعر لأنه ملتزم بقافية و وزن و بحر معين , هل يسوغ له أن ينأى عن بعض قواعد اللغة المعروفة منذ القدم و المتعارف عليها بين النحويين،و هل يسوغ له أيضا أن يغرق في وحشي الألفاظ و التي عفا عليها الزمن و لم تعد تستخدم في زمنه , هذا إن كان لها معنى و مسوغ في إدراجها في النص الأدبي ,, فكيف بمن يقحمها إقحاما يزلزل معناه المبتغى و يكون أخونا المتسلق على النص قد بغى.

هنالك أمور يجب أن نضعها نصب الأعين قبل الإجابة فنقول:

أولا: الموهبة الشعرية هي منحة يمنحها الله لمن يشاء , و العجيب أن البعض يقنع نفسه أنه محضن لهذه الموهبة و لكنه يظلم نفسه من حيث لا يشعر.

و العدمية الشعرية التي نتكلم عنها لا تحط من أدب الأديب و لا رواية الرواي و لا مسرحية الكاتب , بل أنها عندما يقتنع بها هؤلاء فإنها ترفع رصيدهم في القناعة بحديث المصطفى (؛المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور).

الكثير من أرباب الثقافة المدعاة هذه الأزمان خدعوا بتمتمات شيطانية تتلقفهم أناء الليل و أطراف النهار فيظنون بها الحصرم زبيبا , و الهراء شعرا.

نعم ليس الشعر نظما مجردا ,, و لو كان الشعر كذلك , لكن ابن القيم و البرهاني و ابن مالك و العمريطي و غيرهم أشعر الناس .. لكن هؤلاء لم يبرزوا بشعر أبدا ...

الشعر هو الموقد الذي يوقد الناظم حتى تختلج أفكاره و يرسلها قذيفة شعرية لا تصدها أقوى حوائط العالم ..

فإن فقه المتسلق هذا الأمر فإنه سوف يتأنى قبل الإقدام على تجربة نهايتها الفشل لا محالة.

ثانيا: الشاعر الفصيح يجب أن يكون على مقربة من نصوص الشعراء القدامى و من القواعد النحوية التي لا يجوز له أن يكتب نصا قبل الإطلاع عليها ,,أو تمكنها منه ,,فالبعض يكون النحو في دمه فلا يحتاج إلى ما ذكرنا,,علما أنه لا يمكن أن يكون النحو في دمه قبل الإطلاع على القواعد أو على الأقل قراءة النصوص الأدبية للشعراء الحجج كأصحاب المعلقات و غيرهم فهذا قد يغني عما ذكرنا.

ثالثا:

الشعر ما كان من القلب للقلب و لا ينبغي أن يكون الشاعر في منأى عن مجتمعه ,و هنالك قاعدة أدمع دما (مبالغا) عند سماعها (و هي أن المعنى في بطن الشاعر)

فلنقل إذا اكتب أيها الجهبذ و اسمع لنفسك لأنك الوحيد الذي تفهم ما تقول و لا حاجة لأن تنشر ما كتبت.

فالجواب على السؤال: أن الشاعر الحاذق هو الذي لا يلجأ لهذه القاعدة (يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره) لأنه لو جاز له ما لم يجز لغيره لما استحق أن يكون شاعرا.

و السلام عليكم

5/ 5/1430

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير