[أروع و أجمل و أبلغ المقدمات]
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[24 - 08 - 10, 10:41 ص]ـ
[ QUOTE][QUOTE] بسم الله الرحمن الرحيم و منه العون و التسديد.
و بعد؛ فلا شك أن الغالب على الناس الإتيان بمقدمات بين يدي كلامهم كالتمهيد للموضوع. لكن مقدمات الناس تتفاوت فصاحة و بلاغة و و جازة و تطويلا.
و على رأس تلك المقدمات و أشدها إعجازا ما يفتتح به سور كلام الله تعالى
و تأمل كيف افتتح الله عز و جل كتابه بالفاتحة التي جمعت كل مقاصد القرأن مع إعجاز بالغ و إيجاز شديد مع وضوح المعاني و فصاحة الألفاظ و التراكيب.
ثم خطبة الحاجة و لمن تأملها أن يدرك ما حوت من المعاني مع الوجازة و سحر البلاغة.
و بعد ذلك المقدمات تتفاوت بحسب ما تحويه من الفصاحة و البلاغة على الإيجاز و حسن السبك و الإشارات إلى المعاني الكثيرة الطيبة و لست أعني براعة الإستهلال.
أرجو من اإخوة أن يدونوا ههنا أروع ما بصرته أعينهم و أجمل ما علق بقلوبهم من المقدمات الشريفة لأهل العلم و الأدب.
و ها أنا أشير إلى أول تلك المقدمات؛ إنها مقدمة كتاب الرسالة للإمام للمطلبي محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى فهي فائقة الجمال و قد أثنى عليها الشيخ شاكر في أثناء تحقيقه للكتاب.
و هذه هي ((المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
. . . الربيع بن سليمان قال:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبدِ يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبيُّ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون.
والحمد لله الذي لا يُؤدى شُكر نعمة من نِعَمِهِ؛ إلا بنعمة منه توجب على مؤدي ماضي نعمه بأدائها نعمةً حادثةً، يجب عليه شكره بها.
ولا يبلغ الواصفون كُنه عظمته. الذي هو كما وصف نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه.
أحمده حمداً كما ينبغي لكرم وجهه وعِز جلاله.
وأستعينه استعانةَ من لا حول له ولا قوة إلا به.
وأستهديه بهداه الذي لا يضل من أنعم به عليه.
وأستغفره لما أَزلفت وَأَخرت: استغفار من يُقر بعبوديته، ويعلم أنه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه إلا هو.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله.
بعثه والناس صنفان:
أحدهما: أهل كتاب بدّلوا من أحكامه، وكفروا بالله، فافتعلوا كذبا صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق الله الذي أَنزل إليهم.
فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم، فقال: {وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب، لتحسبوه من الكتاب، وما هو من الكتاب، ويقولون هو من عند الله، وما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون.} سورة آل عمران 78
ثم قال: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون: هذا من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلاً، فويل لهم مما كتبت أيديهم، وويل لهم مما يكسبون}.
وقال تبارك وتعالى: {وقالت اليهود: عُزَيرٌ ابنُ الله، وقالت النصارى: المسيحُ ابنُ الله. ذلك قولهم بأفواههم. يضاهئون قول الذين كفروا من قبل. قاتلهم الله! أنى يؤفكون؟! اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيحَ ابن مريم. وما أُمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو، سبحانه عما يشركون} التوبة: 30، 31.
وقال تبارك وتعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، ويقولون للذين كفروا: هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً أولئك الذين لَعَنَهم الله، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً} النساء: 50،52
وصنف كفروا بالله، فابتدعوا ما لم يأذن به الله، ونصبوا بأيديهم حجارة وَخُشُبَاً، وَصُوَرَاً استحسنوا، ونبزوا أسماء افتعلوا، ودعوها آلهة عبدوها، فإذا استحسنوا غير ما عبدوا منها، ألقوه ونصبوا بأيديهم غيره، فعبدوه: فأولئك العرب.
وسلكت طائفة من العجم سبيلهم في هذا، وفي عبادة ما استحسنوا من حوت، ودابة، ونجم، ونار، وغيره.
فذكر الله لنبيه جواباً من جواب بعض مَن عبد غيره من هذا الصنف، فحكى جل ثناؤه عنهم قولهم: إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون.
¥