تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحكى تبارك وتعالى عنهم: {لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن وداً ولا سواعاً، ولا يغوث ويعوق ونسرا، وقد أضلوا كثيرًا} نوح: 23، 24

وقال تبارك وتعالى: {واذكر في الكتاب إبراهيم. إنه كان صدّيقاً نبياً إذ قال لأبيه: يا أبت! لم تعبد ما لا يسمع، ولا يبصر، ولا يغني عنك شيئا؟!} مريم: 41، 42

وقال: {واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه: ما تعبدون؟ قالوا: نعبد أصناما فنظل لها عاكفين. قال: هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم، أو يضرون؟!} الشعراء: 69، 70

وقال في جماعتهم، يذكّرهم مِن نِعَمِهِ، ويخبرهم ضلالتهم عامة، ومَنَّه على مَن آمن منهم: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخواناً، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون} آل عمران: 103

قال: فكانوا قبل إنقاذه إياهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أهلَ كفر في تفرقهم، واجتماعهم. يجمعهم أعظم الأمور: الكفرُ بالله، وابتداع ما لم يأذن به الله. تعالى عما يقولون علواً كبيراً. لا إله غيره، وسبحانه، وبحمده ربُّ كل شيء وخالقهُ.

من حيَّ منهم فكما وَصَفَ حاله حياً: عاملاً قائلاً بسخط ربه مزداداً من معصيته.

ومن مات فكما وَصَفَ قولَه وعملَه: صار إلى عذابه.

فلما بلغ الكتاب أجله فَحَقَّ قضاء الله بإظهار دينه الذي اصطفى بعد استعلاء معصيته التي لم يرض: فَتَحَ أبواب سماواته برحمته، كما لم يزل يجري - في سابق علمه عند نزول قضائه في القرون الخالية -: قضاؤه.

فإنه تبارك وتعالى يقول: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين} البقرة: 213

فكان خِيرتُهُ المصطفى لوحيه، المنتخبُ لرسالته المفضلُ على جميع خلقه، بفتحِ رحمته، وختمِ نبوته، وأعمِّ ما أرسل به مرسلٌ قبله المرفوعُ ذِكرُهُ مع ذِكرِه في الأولى، والشافعُ المشفَّعُ في الأخرى، أفضلُ خلقه نفساً، وأجمعُهُم لكل خُلُق رَضِيَهُ في دينٍ ودنيا. وخيرُهم نسباً وداراً محمداً عبدَه ورسولَه.

وَعَرَّفَنَا وَخَلقَهُ [أي عرفنا مع خلقه، والعطف على الضمير المتصل المنصوب من غير توكيد أو فصل جائز.] نِعَمَهُ الخاصةَ، العامةَ النَّفعِ في الدين والدنيا.

فقال: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رءوف رحيم} التوبة: 128

وقال: {لتنذر أم القرى ومَن حولها} الشورى: 7، وأمُّ القرى: مكة، وفيها قومُه.

وقال: {وأنذر عشيرتك الأقربين} الشعراء: 214

وقال: {وإنه لَذِكر لك ولقومك وسوف تُسألون} الزخرف: 44

قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد في قوله: {وإنه لذكر لك ولقومك} قال: يقال: ممن الرجل؟ فيقال: من العرب. فيقال: من أي العرب؟ فيقال: من قريش.

قال الشافعي: وما قال مجاهدٌ من هذا بيّنٌ في الآية مستغنى فيه بالتنزيل عن التفسير.

فخص جل ثناؤه قومَه وعشيرَتَه الأقربين في النِّذَارة، وعمَّ الخلقَ بها بعدهم، ورفع بالقُرَآن ذِكر رسول الله، ثم خص قومه بالنِّذارة إذ بعثه فقال: {وأنذر عشيرتك الأقربين}

وزعم بعض أهل العلم بالقُرَآن [قال الشيخ أحمد شاكر: ضبطناه هنا وفي كل موضع ورد فيه في الرسالة بضم القاف وفتح الراء محققة وتسهيل الهمزة. وذلك اتباعاً للإمام الشافعي في رأيه وقراءته. ا. هـ وانظر تاريخ بغداد 2/ 62]

أن رسول الله قال: يا بني عبد مناف! إن الله بعثني أَن أُنذرَ عشيرتي الأقربين، وأنتم عشيرتي الأقربون. [ورد بمعناه في البخاري ومسلم وانظر الدر المنثور 5/ 95 - 98] قال الشافعي: أخبرنا بن عيينة عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد في قوله: {ورفعنا لك ذكرك} قال: لا أُذكَرُ إلا ذُكِرتَ معي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدأ رسول الله.

يعني - والله أعلم - ذكرَه عند الإيمان بالله، والآذان. ويَحتمل ذكرَه عند تلاوة الكتاب، وعند العمل بالطاعة، والوقوف عن المعصية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير