تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على معنى الأحرف السبعة؟ وهل نصَّ أحد من رواة الحديث على ذلك؟ وهل عرف الصحابة الكرام رضي الله عنهم - وهم الصدر الأول - معناها؟ أم أن معناها كان غير واضح لديهم؟!

أما الجواب عن السؤالين الأولين، فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على معنى الأحرف السبعة، ولا نصَّ أحد من رواة الحديث كذلك.

قال ابن العربي: (لم يأتِ في معنى هذه السبع نص ولا أثر، واختلف الناس في تعيينها (10)).

أما أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم عرفوا معناها أو لم يعرفوا، فنقول بادئ بَدْء: بأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا شك أن الأمة وقتئذ محتاجة لمعرفة معنى الأحرف السبعة لكي تتمكن من الإتيان بالرخصة- وهي القراءة وفق الأحرف السبعة - وقد عمل الصحابة بهذه الرخصة.

ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم لم يبيّنوا حقيقتها لأحدِ أمرين لا ثالث لهما:

الأمر الأول: أن معنى هذه الأحرف السبعة واضح عندهم مما جعلها غير محتاجة للبيان والتفسير؛ ولذلك لم يرد في شيء من روايات الحديث - على تعددها وكثرتها - أن أحداً سأل عن معناها، وقد اطلعوا عليها وعملوا بها، وهذا أقرب الأمرين إلى النصوص الواردة في معنى الأحرف السبعة.

الأمر الثاني: أن معنى هذه الأحرف السبعة غير واضح عندهم مع تَعَسُّرِ فَهْمِهَا لكثرتها وتَشَعُّبِ فروعها مما احتاج مع ذلك إلى بحث واستقصاء قام به اللاحقون، وهذا قول يتناقض ومعنى الرخصة والتوسعة على الأمة، فقد فهموا معناها وعملوا بها، وحصل المقصود منها (11).

ولابد من التنبيه على أن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ليست هي القراءات السبع التي اشتهرت في الأمصار باتفاق القراء (12)، بل هي جزء من الأحرف السبعة، وقد نقل ابن الجزري عن غير واحدٍ من العلماء أنهم كرهوا ما فعله ابن مجاهد، فقال: (ولذلك كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء، وخطَّؤوه في ذلك، وقالوا: ألا اقتصرَ على دون هذا العدد أو زاده أو بيَّن مراده ليَخْلُصَ من لا يعلم من هذه الشبهة؟!) (13).

ورغم تعدد وجهات النظر التي يوردها القدماء في معنى الحديث، والتي بلغ بها السيوطي نحواً من أربعين قولاً، فإن الحديث -بمختلف رواياته- لا ينص على شيء منها (14)، وكذلك فإنه لم يثبت من وجه صحيح تعيين كل حرف من هذه الأحرف، وكثير منها غير معروف النسبة إلى عالم معين وإنما هي مجرد استنتاج تحتمله الروايات .. ثم إن فهم معنى الحديث لا يمكن أن يكون في اتجاهه الصحيح إذا تخطى الدائرة التي تشير إليها روايات الحديث، وهي أن الخلاف كان في حدود ألفاظ التلاوة، وأن الرخصة التي كان يتحدث عنها الحديث لا تتجاوز حدود القراءة .. ومن هنا يمكن القول بأن الرخصة الواردة في الحديث ليست شيئاً سوى هذه الوجوه المختلفة للتلاوة التي ينقلها القراء جيلاً عن جيل حتى تنتهي إلى الصحابة الذين سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم. (15).

والرأي الذي يظهر أنه منسجم ومتوافق والأحاديث الواردة في معنى الأحرف السبعة، هو الذي توصل إليه الدكتور عبدالعزيز بن عبدالفتاح القارئ بدقة وتفصيل، وهو أن الأحرف السبعة: (وجوه متعددة متغايرة منزلة من وجوه القراءة، يمكنك أن تقرأ بأي منها فتكون قد قرأت قرآناً منزلاً. والعدد هنا مراد، بمعنى: أن أقصى حَدٍّ يمكن أن تبلغه الوجوه القرآنية المنزلة هو سبعة أوجه، وذلك في الكلمة القرآنية الواحدة ضمن نوع واحد من أنواع الاختلاف والتغاير، ولا يلزم أن تبلغ الأوجه هذا الحد في كل موضع من القرآن) (16).

وهو قريب مما توصل إليه الدكتور عبدالصبور شاهين بقوله: (ما يمثِّل اختلاف اللهجات وتباين مستويات الأداء الناشئة عن اختلاف الألسن وتفاوت التعليم، وكذلك ما يشمل اختلاف بعض الألفاظ وترتيب الجمل بما لا يتغير به المعنى المراد).

أمثلة للأحرف السبعة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير