[حل المعضلات للآيات المشكلات]
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[14 - 01 - 04, 04:56 ص]ـ
السلا م عليكم ورحمة الله وبركاته ..........
أحبتي أعضاء ملتقى أهل الحديث من المشايخ الفضلاء وطلبة العلم , بدأت بمشروع علمي خاص بي ,
وهو انتقاء الآيات التي أشكلت على أهل العلم أولا ,
ثم التي أشكلت علي وعلى من هو فهمه كفهمي ,
فأحببت أن اعرضه في هذا المنتدى المبارك لكي أفيد البعض ,
وأستفيد من تعليقات طلبة العلم الذين قد ملأوا هذا المنتدى ...
حتى صار كثير من طلبة العلم يعزو بعض المسائل إليه ...
فإن أحب المشرفون تثبيت الموضوع فقد أسدوا إلى خدمة جليلة , لأني انا المستفيد أولاً وآخرا ....
فإلى المقصود ....
?وَذَا النُّونِ إِذ ذّهَبَ مغاضباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادى فِى الظلماتِ أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبحانك إِنِّى كُنتُ مِنَ الظالمينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيناهُ مِنَ الغَمِّ وَكذلِكَ نُنجِى الْمُؤْمِنِينَ ?
المشكل في الآية ?فظن ألن نقدر عليه?فهل يشك نبيٌ بقدرة الله؟!
اعلم أنه لم يقل أحد من مشاهير أهل التفسير بهذا المعنى لظهور بطلانه, ولكن اختلف في معنى الآية على أقوال:
أحدها: أن لن نقضي عليه بالعقوبة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة، والضحاك. قال الفراء: معنى الآية: فظن أن لن نقدر عليه ما قدرنا من العقوبة، والعرب تقول: قَدَر، بمعنى: قَدَّر، ومنه قوله تعالى: ? فَالْتَقَى المَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ? [القمر:21] أي قُدّر, وقال أبو صخر:
فليست عشيات الحمى برواجعٍ لنا أبداً ما أورق السلم النضر
ولا عائدا ذاك الزمان الذي مضى تباركت ما تَقْدِر يكن ولك الشكر
أراد: ما تُقَّدِر، وهذا مذهب الزجاج.
الثاني: فظن أن لن نُضَيِّق عليه، قاله عطاء. قال ابن قتيبة: يقال: فلان مقدر عليه، ومقتر عليه، ومنه قوله تعالى: {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: 16] أي: ضيق عليه فيه. قال النقاش: والمعنى: فظن أن لن يضيق عليه الخروج، فك0أنه ظن أن الله قد وسع له، إن شاء أن يقيم، وإن شاء أن يخرج، ولم يؤذن له في الخروج.
الثالث: أنه على الاستفهام أي: أفظنَّ أنَّه يُعْجِزُ ربَه، فلا يقدر عليه، رواه عوف عن الحسن. فيكون استفهاما قد حذفت ألفه؛ وهذا الوجه يدل على أنه من القدرة، ولا يتصور إلا مع تقدير الاستفهام، وليس له وجهٌ إلا أن يكون اسفهام إنكار، تقديره: ما ظن عجزنا، فأين يهرب منا؟ ?
قال ابن جرير الطبري: (وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب، قول من قال: عَنَى به: فظنّ يونس أن لن نحبسه ونضيق عليه، عقوبة له على مغاضبته ربه.
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الكلمة، لأنه لا يجوز أن يُنْسب إلى الكفر وقد اختاره لنبوّته، ووَصْفُه بأن ظنّ أن ربه يعجز عما أراد به ولا يقدر عليه، وَصْفٌ له بأنه جهل قدرة الله، وذلك وصف له بالكفر، وغير جائز لأحد وصفه بذلك. وأما ما قاله ابن زيد، فإنه قول لو كان في الكلام دليل على أنه استفهام حسن، ولكنه لادلالة فيه على أن ذلك كذلك. والعرب-وهذه قاعدة- لا تحذف من الكلام شيئا لهم إليه حاجة إلا وقد أبقت دليلاً على أنه مراد في الكلام، فإذا لم يكن في قوله: فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدرَ عَلَيْهِ دلالة على أن المراد به الاستفهام كما قال ابن زيد، كان معلوما أنه ليس به وإذ فسد هذان الوجهان، صحّ الثالث وهو ما قلنا)