تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مآخذ على مواضع في الوقف عند بعض القراء]

ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[04 - 03 - 06, 05:51 م]ـ

[مآخذ على مواضع في الوقف عند بعض القراء]

أ. د. مصطفى رجب

مصر

عُرف عن بعض مشاهير القراء المصريين أنهم "درسوا" الألحان الموسيقية على هذا الملحّن أو ذاك. وأن "النغم" أو "الطرب" أصبح مقصوداً لذاته بعد أن كان المقصود الأول من تحسين التجويد، هو تحقيق الخشوع، وإيصال المعاني الدلالية العميقة للآيات الكريمة إلى النفوس فتهلع، وإلى القلوب لتخشع، فتلين الجلود لذكر الله وما تستمع إليه من الحق.

وبدل أن يعنى كبار القراء بعلم جليل من علوم الأداء الصوتي وهو علم "الوقف والابتداء"، وجدنا مشاهيرهم يتهافتون على علوم الموسيقى فيدرسون مقامات الصبا والبياتي والرست التي لا نرى لها صدى في تراثنا العربي القديم إلا صدى مرتبطاً بسيرة القيان والمخنّثين ممن كانوا يغنّون في مجالس اللهو والخلاعة أيام بعض الماجنين من حكام الدولتين الأموية والعباسية على نحو ما نرى في كتب الأدب العربي القديم.

وعلم "الوقف والابتداء" علم عظيم الأهمية لكل من يقرأ القرآن الكريم تعبداً أو تعلماً أو تعليماً، ولذلك تنازع البحثَ فيه علماءُ التفسير والقراءات والنحاةُ والبلاغيون، وظهرت فيه مؤلفات كثيرة، وهذه المؤلفات منها ما هو مطبوع مثل:

1. إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر بن الأنباري: نال به الباحث محيي الدين رمضان درجة الماجستير من جامعة عين شمس.

2. القطع والائتناف لأبي جعفر النحاس، نال به الباحث أحمد خطاب درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة.

3. المكتفى في الوقف والابتداء لأبي عمرو الداني، نال به الباحث جايد زيدان مخلف درجة الماجستير من جامعة الأزهر.

4. منار الهدى في بيان الوقف والابتداء للأشموني، وهو مطبوع.

5. معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء للشيخ محمود خليل الحصري.

ومنها كتب مخطوطة لم يصل إلى علمنا أنها طبعت – على أهميتها – مثل كتاب علم الدين السخاوي (علم الاهتداء في الوقف والابتداء)، و (تجويد التلاوة وتحقيق القراءة) للداني وغيرهما.

أسباب الخطأ:

ولأخطاء القراء في الوقف والابتداء أسباب كثيرة يمكننا إجمالها في نقاط هي:

أ. الرغبة في الظهور بمظهر القارئ الطويل النَفَس (بفتح الفاء) فتجد القارئ حين يجود آية طويلة ينقطع نَفَسه فيضطر للوقوف في موضع لا يصح الوقوف عليه.

ب. أن كتب الوقف والابتداء وكتب القراءات عموماً لم تذكر لنا على سبيل الحصر مواضع الوقف في القرآن الكريم كله. ولم ينقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته إلا النزر اليسير.

جـ. أن مواضع الوقف خاصة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم النحو، لأن القراء الأوائل جميعاً كانوا من النحاة كأبي الأسود الدؤلي، وابن أبي إسحاق الحضرمي، وعيسى بن عمر، وأبي عمرو بن العلاء، والكسائي وغيرهم. وقد اجتهد هؤلاء في محاولة وضع قواعد عامة للوقف فقالوا مثلاً: "كل كلمة تعلقت بما بعدها –بحيث أصبح ما بعدها متمماً لمعناها- لا يوقف عليها "كالمضاف والمضاف إليه، والمنعوت دون نعته، والشرط دون جوابه، والمؤكد دون توكيده ... إلخ. ومعلوم أن احتراف القراء في عصرنا الحاضر يعتمد على جمال الصوت وإتقان المقامات الموسيقية، ولا ينظر القارئون ولا من يختارونهم إلى علوم النحو ولا يولونها اهتماماً يُذكر.

د. أن بعض القراء يحتال للوقوف متوهماً أن في هذا الموضع الذي يقف عليه إبداعاً وإعجازاً تبعاً لهوى نفسه، بلا نظر إلى الحكم الإعرابي النحوي.

أمثلة شهيرة:

1. قرأ قارئ معروف بجمال صوته آيات من سورة البقرة أعجبت جمهوره فصاح الجمهور وناح، فكررها وأعادها، ونقلها عنه مقلدوه حتى صارت من "تراث القراءة المعاصرة"!! وهي قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: 183] ووصلها بما بعدها ووقف على قوله تعالى: (أياماً معدودات) [البقرة: من الآية 184]. وهذا وقف قبيح جدّاً؛ لأنه جعل الظرف الزماني (أياماً معدودات) متعلقاً بالفعل السابق له (تتقون) فيصبح المعنى أن الهدف من فرض الصوم هو اتقاء الله أياماً معدودات لا غير هي أيام رمضان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير