[ملاحظات عامة في موضوعات لطائف الوقوف]
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[03 - 07 - 05, 04:14 م]ـ
هذه تنبيهات على أخطاء منهجية في بعض الموضوعات التي تتعلق بذكر لطائف الوقوف حملني على ذكرها ما رأيته من أخطاء و أوهام في بعض المنتديات الشرعية باسم هذا وقف لطيف:
1) الوقف عند كافة علماء الوقف تبع للمعنى والإعراب فينظر عند جميعهم في منزلة الوقف تماما وكفاية وحسنا وقبحا إلى ارتباط الكلام وتعلُّقِه ببعضه اعتمادا على تفسير الآية ومعانيها وإعرابها ولذلك فبعض الوقوف أتمُّ من بعض وبعضها أكفى من بعض وبعضها أحسن من بعض.
2) كثير من الوقوف التي ذكرها الإخوان إمّا أنْ تكون قبيحة عند جميع علماء الوقف أو ضعيفة أو جائزة لكنها دون الوقف التام و الكافي في مرتبتها فغيرها عند علماء الوقف أحسن منها وأولى.
3) قد يكون الوقف جائزا من جهة النحو مقبولا من جهة المعنى و يكون فيه لطافة ولا يدل هذا على تفضيله على ما هو أولى منه.
4) القارئ الجيد هو الذي يراعي عند وقفه المعنى فيقف على ما هو أكثر تبيانا للمعانى و على ما هو أبين لهدي القرآن و أجلى عند المستمعين وإذا كان في الآية موضع مختلف فيه عند العلماء لاختلافهم في المعنى فيأخذ بالقول الراجح إنْ كان له نظر واجتهاد في التفسير وإلا فيقلد ما هو مذكور في المصاحف التي طبعت بإشراف لجانٍ علمية كمصحف الملك فؤاد الأوّل ومصحف المدينة المنورة (مصحف خادم الحرمين الشريفين).
ومن الأمثلة المعروفة المشتهرة لاختلاف أنظار العلماء في اختيار الوقف المناسب بناء على اختلافهم في التفسير اختلافهم المعروف في الوقف على قوله تعالى: (و ما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم) فأكثر السلف و جماهير العلماء اختاروا الوقف على إلا الله و ذهبت طائفة إلى اختيار الوقف على (والراسخون في العلم) و الوقف على (إلا الله) هو الراجح بل هو الصحيح فيقف عليه القارئ، ويبتدئ بقوله: (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) وأدلَّة هذا مبيّنة في موضعٍ آخر و الأمثلة كثيرة يضيق المقامُ عن ذكر بعضها.
5) إخواني كتاب الله تعالى كما لا ينبغي أنْ تحمل معانيه في التفسير إلا على أصح وأفصح لغات العرب وأحسن ما تحتمله لغتهم كذلك ينبغي عند اختيار الوقوف مراعاة ذلك كله فلا يخترع قول يكون مخالفا لما يدل عليه المعنى وما يقتضيه سياق الكلام ومتى كان الوقف شاذا لم يصح أن يقال له لطيف إلا على معنى التجوُّز في الكلام.
6) دراسة أقسام الوقف و معانيها و النظر في أمثلته في بعض كتب التجويد و في بعض كتب علوم القرآن و مقدِّمات كتب الوقف و الابتداء كاف في إفهام الناظر اليقظ لأمَّهات مسائل هذا العلم.
و سأضرب مثلا بالوقف التام. لأنّ وقوف القارئ على التام إن أمكنه أحسن من الوقوف على غيره لكونه أبين للسامع و أوضح للمعنى و إن كان الوقف على الكافي و على بعض ما يُسمى في اصطلاحهم بالوقف الصالح أو الحسن سائغا حسنا.
7) فمثلا الوقف التامُّ عندهم هو: مالا يتعلَّق بشيء مما بعده من جهة المعنى ولا اللفظ كالوقف على آخر قصة والابتداء بغيرها وكالوقف على مثل قوله (وأولئك هم المفلحون) في سورة البقرة لأن قوله (إن الذين كفروا سواء عليهم) ليس متعلقا بقوله (أولئك هم المفلحون). و كمثل الوقف على (وهو بكل شئ عليم) والابتداء بقوله: (وإذ قال ربك للملـ ــــــكة)
و قد اختلفت عباراتهم اختلافا متقاربا في تعريف الوقف التام و كلها تدل على نفس المعنى: فقال بعضهم هو الذي يحسن القطع عليه والابتداء بما بعده لأنه لا يتعلق بشيء مما بعده. (المكتفى للحافظ الداني ص 140 و نِظَام الأداء في الوقف والابتداء ص 30) و قيل إنه: (ما انفصل مما بعده لفظا ومعنى): جمال القراء 2/ 563 و ينظر: النشر 1/ 225 - 226 وتنببيه الغافلين صـ 123 و غيرها.
وأمثلة الوقف التام كثيرة ذكرها العلماء و إذا رأى الإخوان أن أفرد موضوعا لشرح مصطلحات علماء الوقف والابتداء فسأفعل إن شاء الله تعالى.
و أنبه هنا على أنّ أرجح الأقوال في أقسام الوقف هو تقسيمه إلى أربعة أقسام: التام و الكافي و الحسن و القبيح.
، وهو ترجيح الإمام الداني رحمه الله وعزاه الزركشي للأكثر، ورجحه السخاوي وابن الجزري وابن الطحان الأندلسي و غيرهم و مع هذا فلا مشاحّة في الاصطلاح.
و ليت طابعي المصاحف قديما بنوا على هذا الاصطلاح و لكنْ كانت مراحل و أمور يطول ذكرها و قد اجتهد بعض أهل العلم فيها في القرنين الماضيين و الله يتولنا و سائر إخواننا بهدايته و رحمته و توفيقه لا حول و لا قوة لنا إلا به.
نسأله تعالى من خزائن فضله و عظيم إفضاله و كريم إنعامه.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[06 - 07 - 05, 04:23 م]ـ
قال الإمام النكزاوي -و هو من أحسن المصنفين في فن الوقف و الابتداء و كتابه محقق في رسالة دكتوراة -: (ويسمى الذي يجوز الوقف عليه وقفَ الاختيار،لا وقف الاضطرار لأنّ القارئ إذا اضطر إلى الوقف إما لانقطاع نفس أو غيره فإنه يقف على أي موضع جاء، فإن كان وقف على موضع لا ينبغي الوقف عليه في حال الاختيار فليبتدأ بالكلمة الموقوف عليها إن كان ذلك لا يغير المعنى فإن كان ذلك يغير المعنى فليبتدأ بالكلمة التي قبلها ليصح به المعنى المراد في الآية) انتهى0 و ما ذكره الإمام النكزاوي متفق عليه و قد ذكره غير واحد من العلماء
¥