تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مصطلح المعاصرين عليه نقد حيث يتوجه النقد إلى أمرين وإليك بيانه:

1 - ما يتعلق بصحة دخول هذه الأنواع في مسمى (المأثور).

2 - ما يتعلق بالنتيجة المترتبة عليه، وهي (الحكم).

أما الأول: فإنه يظهر أن هذا المصطلح غير دقيق في إدخال هذه الأنواع

الأربعة فيه، فهو لا ينطبق عليها جميعاً، بل ويخرج ما هو منها، فهذا المصطلح

غير جامع ولا مانع لسببين:

أ- أن المأثور هو ما أثر عمن سلف، ويطلق في الاصطلاح على ما أُثر عن

النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم.

فهل ينطبق هذا على تفسير القرآن بالقرآن؟

إن تفسير القرآن بالقرآن لا نقل فيه حتى يكون طريقه الأثر، بل هو داخل

ضمن تفسير من فسر به.

* فإن كان المفسر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو من التفسير النبوي.

* وإن كان المفسر به الصحابي، فله حكم تفسير الصحابي.

* وإن كان المفسر به التابعي، فله حكم تفسير التابعي.

وهكذا كل من فسر آية بآية فإن هذا التفسير ينسب إليه.

ب- أن المأثور في التفسير يشمل ما أُثر عن تابعي التابعين كذلك ومن دوّن

التفسير المأثور فإنه ينقل أقوالهم، كالطبري (310) وابن أبي حاتم (ت: 327)،

وغيرهما.

بل قد ينقلون أقوال من دونهم في الطبقة، كمالك بن أنس، وغيره. ولو

اطلعت على أوسع كتاب جمع التفسير المأثور، وهو (الدر المنثور في التفسير

بالمأثور) لرأيت من ذلك شيئاً كثيراً.

ولو قُبلت العلة التي ذكرها الشيخ محمد حسين الذهبي في إدخاله تفسير

التابعين في المأثور، لصح تنزيلها على المأثور عن تابعي التابعين ومن دونهم.

وقد نشأ الخطأ في تصور ونقل الخلاف في تفسير التابعي، وهل يندرج تحت

التفسير بالمأثور، أم لا يصح أن يوصف بأنه تفسير مأثور؟ ونزّل كلام العلماء

خطأ في حكم تفسير التابعي على قضية كونه تفسيراً مأثوراً أم غير مأثور، ولم

يكن حديث العلماء على كونه مأثوراً أم غير مأثور، إذ لم يكن ذلك المصطلح

معروفاً ولا شائعاً في وقتهم.

وأما الثاني وهو ما يتعلق بالحكم فإن بعض من درج على هذا المصطلح نصّ

على وجوب اتباعه والأخذ به [7]، وهو مستوحى من كلام آخرين [8].

ومما يلحظ على هذا الحكم أنهم يحكون الخلاف في تفسير التابعي من حيث

الاحتجاج، بل قد حكى بعضهم الخلاف في تفسير الصحابي [9].

ثم يحكمون في نهاية الأمر بوجوب اتباعه والأخذ به، فكيف يتفق هذا مع

حكاية الخلاف الوارد عن الأئمة دون استناد يرجح وجوب الأخذ بق ول التابعي،

فهم يمرون على هذا الخلاف مروراً عاماً بلا تحقيق.

ثم إن كان ما ورد عن الصحابة والتابعين مأثوراً يجب الأخذ به على

اصطلاحهم فما العمل فيما ورد عنهم من خلاف محقق في التفسير؟ وكيف يقال:

يجب الأخذ به؟

ومن نتائج عدم دقة هذا المصطلح نشأ خطأ آخر، وهو جعل التفسير بالرأي

مقابلاً للتفسير بالمأثور وهو الأنواع الأربعة السابقة حتى صار في هذه المسألة خلط

وتخبط، وبنيت على هذا التقسيم معلومات غير صحيحة، ومنها:

1 - أن بعضهم يقررون في تفسير الصحابة والتابعين أنهم اجتهدوا وقالوا فيه

برأيهم، ثم يجعلون ما قالوه بهذا الرأي من قبيل المأثور ناسين ما مرروه من قول

بأنهم قالوا بالرأي، فيجعل قولهم مأثوراً وقول من بعدهم رأياً، فكيف هذا؟ وإذا

كان الصحابة قالوا في التفسير برأيهم فلا معنى لتفضيلهم على غيرهم ممن بعدهم

في هذه المسألة، وهذا لا يعني مساواة من بعدهم بهم.

2 - كما تجد أن كتب التفسير تُقسّم إلى كتب التفسير بالمأثور وكتب التفسير

بالرأي، وعلى سبيال المثال يجعلون تفسير ابن جرير من قبيل التفسير بالمأثور،

ولو أردت تطبيق مصطلح التفسير بالمأثور، فإنك ستجد اختيارات ابن جرير

وترجماته، فهل هذه من قبيل الرأي أم من قبيل المأثور؟ فإن كان الأول فكيف

يحكم عليه بأنه مأثور؟! وإن كان الثاني فإنه غير منطبق لوجود اجتهادات ابن

جرير، وفرق بين أن نقول: فيه تفسير بالمأثور، أو نقول هو تفسير بالمأثور.

3 - وقد فهم بعض العلماء أن من فسر بالأثر فإنه لا اجتهاد ولا رأي له بل

هو مجرد ناقل، لا عمل له غير النقل، ويظهر أن هذا مبني على ما سبق من أن

التفسير بالمأثور الذي يشمل الأربعة السابقة يقابله التفسير بالرأي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير