تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصواب أن يقال: إن المفسر الفلاني مكثر من الرواية عن السلف مكثر من

الاعتماد على أقوالهم، والآخر مقلّ من الرواية عنهم أو الاعتماد عليهم.

الثاني: أن من حُكِمَ على تفسيره بأنه من التفسير بالمأثور قد حِيفَ عليه

وتُنُوسي جهده الخاص في الموازنة والترجيح بين الأقوال التي يذكرها عن السلف،

وأشهر مثالٍ لذلك إمام المفسرين ابن جرير الطبري، حيث يعدّه من يقابل بين

التفاسير بالمأثور والتفسير بالرأي من المفسرين بالأثر، وهذا فيه حكم قاصرٌ على

تفسير الإمام ابن جرير، وتعامٍ أو تجاهلٌ لأقواله الترجيحية المنثورة في كتابه.

هل التفسير منسوب إليه أم إلى من يذكرهم من المفسرين؟!

فإذا كان تفسيره هو؛ فأين أقواله وترجيحاته في التفسير؟!

أليست رأياً له؟

أليست تملأ ثنايا كتابه الكبير؟!

بل أليست من أعظم ما يميّز تفسيره بعد نقولاته عن السلف؟!

إن تفسير ابن جرير من أكبر كتب التفسير بالرأي، غير أنه رأي محمود؛

لاعتماده على تفسير السلف وعدم خروجه عن أقوالهم، مع اعتماده على المصادر

الأخرى في التفسير.

كما أن تفسيره من أكبر مصادر التفسير المأثور عن السلف، وفَرْقٌ بين أن

نقول: فيه تفسير مأثور، أو أن نقول: هو تفسير بالمأثور؛ لأن هذه العبارة تدل

على أنه لا يذكر غير المأثور عن السلف، وتفسير ابن جرير بخلاف ذلك؛ إذ هو

مع ذكر أقوالهم يرجِّح ويعلِّل لترجيحه، ويعتمد على مصادر التفسير في الترجيح.

ولكي يَبِين لك الفرق في هذه المسألة: وازن بين تفسيره وتفسير عَصْرِيّهِ ابنِ

أبي حاتم (ت: 327) الذي لا يزيد على ذكر أقوال السلف، وإن اختلفت أقوالهم

فلا يرجح ولا يعلق عليها، أليس بين العالمين فرق؟

وأخيراً .. هذه بعض قضايا في التفسير بالرأي، والموضوع يحتاج إلى بحث

أعمق وأطول، والله الموفق.


(1) انظر: مقدمة جامع التفاسير، 93 - 97.
(2) انظر: حاشية 7، ص 148، من كتاب التيسير في قواعد علم التفسير للكافيجي، وقد استفاد شمس الدين من الراغب؛ كما يظهر بالموازنة بين قوليهما، وقد نقل عن شمس الدين كلّ من: الكافيجي في التيسير 145 - 148، والسيوطي في الإتقان، 4/ 185.
(3) انظر: مقدمة جامع التفاسير للراغب (تحقيق: أحمد فرحات) 96، وعنه نقل الكافيجي في التيسير، 148.
(4) تفسير الطبري (ط: شاكر)، 1/ 75.
(5) انظر: البرهان للزركشي، 1/ 92.
(6) ذم الكلام للهروي (تحقيق: سميح دغيم)، وشعب الإيمان للبيهقي، 5/ 232.
(7) تهذيب اللغة، 3/ 73.
(8) تهذيب اللغة للأزهري، 9/ 20.
(9) القُصّاص: قوم جلسوا للوعظ والتذكير، وهم يذكرون آياتٍ وأحاديث يستشهدون بها في أحاديثهم مع الناس.
(10) الناسخ والمنسوخ للنحاس (تحقيق: اللاحم) 1/ 410، ومما ينبغي التنبّه له أن النسخ عند السلف أوسع من اصطلاح الأصوليين؛ حيث يشمل كل إزالة تكون في الآية.
(11) مجاز القرآن 1/ 242.
(12) انظر: تفسير الطبري، (ط: الحلبي)، 9/ 195 197.
(13) تفسير الطبري (ط: الحلبي) 27/ 65 66 عند تفسير قوله تعالى:] الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ [[النجم: 32].
(14) انظر: الطبري (ط: الحلبي) 29/ 38، حيث ترجم عن من قال بهذا القول بهذه الترجمة.
(15) انظر: تفسير الطبري (ط: الحلبي) 29/ 38 وما بعدها.
(16) رواه البخاري تحت تفسير قوله تعالى:] يوم يكشف عن ساق [.
(فتح الباري 8/ 531).
(17) هذا الموضوع يحتاج إلى بسطٍ أكبر، وما ذكرته فهو إشارة لا تُغني عن البحث فيه.
(18) مقدمة في أصول التفسير (تحقيق: عدنان زرزور) 79.
(19) انظر: تفسير الطبري (ط: شاكر) 1/ 93.
(20) انظر: تفسير القرطبي 1/ 34 (بتصرف).
(21) انظر: مقدمة في أصول التفسير، (تحقيق: عدنان زرزور)، ص 81.
(22) انظر: تفسير القرطبي 1/ 33، ومقدمة في أصول التفسير، ص 81 وما بعدها.
(23) انظر: تفسير القرطبي، 15/ 215.
(24) تفسير القرطبي، 3/ 251.
(25) تفسير القرطبي، 3/ 251.
(26) قد فصلت القول في مصطلح التفسير بالمأثور، انظر مجلة البيان عدد 76.
(27) انظر على سبيل المثال محمد حسين الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون) وتقسيمه التفاسير بين المأثور والرأي من غير أن يورد ضابطاً يمكن التعويل عليه في هذا التقسيم، وقد قلّده آخرون في هذا من غير استدراك ولا تعقيب.

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[13 - 03 - 03, 10:34 ص]ـ
أما بالنسبة لطرح الأسئلة على الشيخ فستكون بإذن الله تعالى الأحد القادم، وذلك بعد وضع ترجمة الشيخ، وسيكون لطرح الأسئلة موضوعا مستقلا غير هذا.

ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[01 - 11 - 06, 09:07 م]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ عبد الرحمن ...

نسأل الله أن يحفظ الشيخ مساعد وأن يبارك فيه وفي علمه وعمله ...

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير