قلت: وهذا الكتاب ذكر في كلام نقله الحافظ عن مكي بن أبي طالب، ثم علق الحافظ على ذلك النقل ومما قاله: (وذكر الطبري في كتابه اثنين وعشرين رجلاً) أهـ.
5 - القراءات لابن جبير ([221]) (الفتح 9/ 32) ([222])
6 - القراءات لإسماعيل بن إسحاق القاضي ([223]) (الفتح 9/ 31) ([224])
- هذه مجمل المصادر التي ذكرها الحافظ في كتابه مما له علاقة بعلم القراءات، ومما تقدم يمكن تلخيص بعض الملامح العامة في منهج نقله عنها، من خلال النقاط الآتية:
1 - أكثر الحافظ من النقل عن المصادر –بمختلف أنواعها وفنونها- فيما يتعلق بمسائل القراءات.
2 - تنوعت مصادره في القراءات ومسائلها من حيث الفنون، فنقل عن كتب القراءات والتفسير وإعراب القرآن والحديث واللغة وغيرها.
3 - اختلفت مصادره من حيث كثرة أو قلة الرجوع إليها والنقل عنها، كما يظهر من الأنواع الأربعة المذكورة.
4 - الغالب في نقله كان بالمعنى، بل يندر جداً أن ينقل كلاماً بنصه.
5 - أحياناً يلخص صفحات عديدة من المصدر الذي ينقل عنه ويختصرها في أسطر معدودة وينسبها إلى صاحب المصدر بقوله (قال فلان).
6 - أحياناً ينص على تسمية الكتاب ومؤلفه، وأحياناً يذكر القائل دون تسمية كتابه، وقليلاً ما يذكر اسم الكتاب وحده دون ذكر مصنفه.
7 - كثيراً ما يختصر اسم الكتاب أو يشير إليه بما يدل عليه، كقوله: (ذكره الفراء في معانيه) أو (الطبري في تفسيره) .. وهكذا.
8 - حرص الحافظ على عزو جميع الأقوال والنقول إلى قائليها، رغم كثرتها، ولم أقف على نص أورده دون أن يذكر قائله أو يشير إليه، وهذا غاية في أمانته رحمه الله تعالى.
9 - تتبع الحافظ أقوال العلماء واستقصاها في مسائل القراءات –وخاصة في مبحث الأحرف السبعة- مع الإشارة إلى ضعفها أو قوتها، وقد نص على ذلك في بداية كلامه عن معنى (الأحرف السبعة) فقال: ( .. ولم أقف على كلام ابن حبان في هذا بعد تتبعي مظانه من صحيحه، وسأذكر ما انتهى إليّ من أقوال العلماء في ذلك مع بيان المقبول منها والمردود إن شاء الله تعالى) ([225]) أهـ
10 - أحياناً ينص الحافظ على انتهاء النقل بقوله: (انتهى)، وكثيراً ما يعقب على النقل بما يشعر بانتهائه، كأن يذكر قولاً آخر، أو يقول: (قلت) ([226])، وأحياناً لا يتبين نهاية النقل إلا بالرجوع إلى المصدر الذي نقل عنه. ([227])
الفصل الثاني: آراؤه في مسائل القراءات
إن دراسة آراء الحافظ ابن حجر في مسائل القراءات لها أهمية بالغة من حيث:
1/ إنّ الحافظ أحد مشايخ القراءات الذين تلقوا هذا العلم ودرسوه، وله سند بذلك وعنده فيه إجازة من شيخه التنوخي كما تقدم.
2/ إنّ ابن حجر عالم محقق يورد الأقوال في المسألة وينقل عن العلماء المتقدمين، ويرجح ويجمع بين الأقوال، ويرد على الشبه، ويحل المشكلات، ويثرى الموضوع الذي يتناوله.
3/ إنّ بعض مسائل القراءات لا تزال شائكة و مشكلة، وتحتاج إلى توضيح وتحرير، ورأى إمام محقق مثل ابن حجر له قيمته ووزنه فيها.
4/ إنّ علم القراءات له ارتباط وثيق بعلم الحديث، وقد تبيّن ذلك جلياً من خلال النقول والآراء التي أوردها الحافظ في كتابه "الفتح".
ومن خلال دراسة وتصنيف تلك المواضع التي أورد فيها القراءات وتكلم عن بعض مسائلها، يمكن تقسيم آرائه فيها إلى قسمين: الأول: آراء خاصة به ومن اجتهاده ونص على نسبتها لنفسه، والثاني: آراء لعلماء سابقين تبناها وأوردها مؤيداً لها، ثم إنّ تلك الآراء بقسميها تنوعت بحسب موضوعاتها: فمنها ما يتعلق بالأحرف السبعة ومنها ما يتعلق بمصطلحات علم القراءات وغير ذلك، وبيان هذه الآراء على النحو التالي:
1 - أن القرآن نزل أولاً بلسان قريش ثم أنزل بالأحرف السبعة:
وقد ذكر ذلك في شرحه لحديث أنس بن مالك رضى الله عنه قال: (فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد ابن ثابت في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم، ففعلوا) ([228]).
¥