تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تنبيه: ماذكره ابن الجزري هنا من عدم اشتراط التواتر وعدم انحصار القراءات المقبولة في العشر هو قوله المتأخر في المسألة، حيث قد نص على اشتراطه أولاً في كتابه (منجد المقرئين) ثم نسخه بما ذكرته عنه (في النشر)، وبين فراغه من تأليف الكتابين أكثر من عشرين عاماً ([249])، ثم إنه صرح برجوعه عن رأيه الأول حيث قال: (ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا القول ثم ظهر فساده، وموافقة أئمة السلف والخلف) ([250]) أهـ، كما أشار إلى تردده في المسألة في آخر كتابه "المنجد" بعد توقيعه على الفراغ منه. ([251])

وفي التأكيد على أنّ القراءات المقبولة ليست منحصرة في القراءات السبع نقل الحافظ كلام أهل العلم في معنى الأحرف السبعة، وفيه بيان أن الأحرف غير " القراءات "، ثم ذكر شروط القراءة المقبولة، ثم قال: (وإنما أوسعت القول في هذا لما تجدد في الأعصار المتأخرة من توهم أن القراءات المشهورة منحصرة في مثل " التيسير و الشاطبية "، وقد اشتد إنكار أئمة هذا الشأن على من ظن ذلك كأبي شامة و أبي حيان وآخر من صرّح بذلك السبكي …) الخ كلامه. ([252])

5 - في خلط القراءات ([253]):

أورد الحافظ في هذه المسألة نقلاً نصه: (وذكر أبو شامة في الوجيز أن فتوى وردت من العجم لدمشق سألوا عن قارئ يقرأ عُشراً من القرآن فيخلط القراءات، فأجاب ابن الحاجب وابن الصلاح وغير واحد من أئمة ذلك العصر بالجواز بالشروط التي ذكرناها، كمن يقرأ مثلاً " فتلقى آدم من ربه كلمات " فلا يقرأ لابن كثير بنصب " آدم " ولأبي عمرو بنصب " كلمات"، وكمن يقرأ " نغفر لكم " بالنون " خطاياكم " بالرفع، قال أبو شامة: لا شك في منع مثل هذا، وما عداه فجائز و الله أعلم) ([254]) أهـ. ثم علّق الحافظ على هذا النقل بقوله: (وقد شاع في زماننا من طائفة من القراء انكار ذلك حتى صرح بعضهم بتحريمه، فظن كثير من الفقهاء أن لهم في ذلك معتمداً فتابعوهم، وقالوا: أهل كل فن أدرى بفنهم، وهذا ذهول ممن قاله، فإنّ عِلم الحلال و الحرام إنما يتلقى من الفقهاء، والذي منع ذلك من القراء إنما هو محمول على ما إذا قرأ برواية خاصة فإنه متى خلطها كان كاذباً على ذلك القارئ الخاص الذي شرع في إقراء روايته، فمن أقرأ رواية لم يحسن أن ينتقل عنها إلى رواية أخرى، كما قاله الشيخ محي الدين ([255])، وذلك من الأولوية لا على الحتم، أما المنع على الإطلاق فلا، والله أعلم) ([256]) أهـ.

قلت: فيظهر مما ذكر أن الحافظ يرى جواز الخلط بين القراءات بمعنى أن يقرأ كل آية-أو نحوها- بقراءة قارئ بشرط أن يكون المقروء به مما توفرت فيه شروط القراءة المقبولة ([257]). وقد قال بجواز ذلك كثير من الأئمة ومنعه بعضهم –كما ذكره ابن الجزري- ثم توسط في المسألة فقال ما ملخصه: (والصواب عندنا في ذلك التفصيل والعدول بالتوسط إلى سواء السبيل فنقول: إن كانت إحدى القراءتين مترتبة على الأخرى فالمنع من ذلك منع تحريم،وأما ما لم يكن كذلك فإنّا نفرق بين مقام الرواية وغيرها،فإن قرأ بذلك على سبيل الرواية فإنه لا يجوز أيضاً من حيث إنه كذب في الرواية وتخليط على أهل الدراية،وإن لم يكن على سبيل النقل والرواية بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنه جائز صحيح مقبول لا منع منه ولا حظر،وإن كنّا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات …) الخ كلامه. ([258])

6 - اعتماده القراءات السبع و المشهورة من غيرها، واعتماده كتاب ((أبى عبيد)) في القراءات المشهورة:

ويتبين هذا من تعليقه على قراءة الأعمش " وما أُوتوا من العلم إلا قليلاً" ([259]) الواردة في الصحيح، فقد قال في شرح حديثها ما نصه: (وليست هذه القراءة في السبعة بل ولا في المشهور من غيرها، وقد أغفلها أبو عبيد في كتاب القراءات له من قراءة الأعمش، والله أعلم) أهـ. ([260]) وفي موضع آخر ذكر قراءة عمر-رضي الله عنه- التي أوردها البخاري في " وظنّ داود أنّما فتّناه" ([261]) بتشديد التاء فقال: (وأما قراءة عمر فمذكورة في الشواذ، ولم يذكرها أبو عبيد في القراءات المشهورة) ([262]) أهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير