القول الثالث: أن المراد التوبة من الكبائر، قاله قتادة:
القول الرابع: أن المراد التوبة من الجماع في الحيض، قاله بعضهم:
[انظر:جامع البيان لابن جرير الطبري (3/ 743)، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (2/ 179)].
والصحيح في المسألة القول الأول؛ ووجه ذلك: أن قوله: {التوابين} لفظ عام، إذ هو جمع محلى بأل الاستغراقية، والقاعدة في الأصول: [أن الجمع المحلى بأل الاستغراقية يفيد العموم]، فيشمل كل تائب سواء كانت توبته من الشرك، أو الكبائر، أو الجماع في الحيض، أو غيرها:
قال نجم الدين الطوفي -رحمه الله- في الإشارات الإلهية (1/ 332): «{إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} عام مطرد، ويحتمل تخصيصه بمن تكررت توبته استهزاء، ولعبا، أو عن غير عزم، وبمن أكثر الطهارة إسرافا، ووسواسا، ونحو ذلك، فالظاهر أنه لا يحبهما مع دخولهما تحت عموم التوابين والمتطهرين».
.................................................. ................
المسألة السادسة عشرة:
في الآية دليل على مشروعية التطهر (الطهارة بالماء)،
ومأخذ الحكم من قوله: {ويحب المتطهرين}، والقاعدة في الأصول: [أن محبة الله للفاعل تدل على مشروعية فعله (أي: القدر المشترك بين الإيجاب والندب)]، وقد قامت الأدلة على وجوب الطهارة بالماء في بعض الصور، واستحبابها في البعض الآخر:
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في المراد بالطهارة في هذه الآية على أربعة أقوال:
القول الأول: الطهارة بالماء، قاله عطاء:
القول الثاني: الطهارة من الذنوب، قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، وأبو العالية:
القول الثالث: الطهارة من الشرك، قاله الأعمش:
القول الرابع: الطهارة من أدبار النساء، روي عن مجاهد:
[انظر: جامع البيان للطبري (3/ 743)، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (2/ 179)، تفسير ابن أبي حاتم (7/ 1883)، أحكام القرآن لابن العربي (1/ 220)].
والصحيح في المسألة القول الأول، ووجه ذلك: أن استعمال لفظ التطهر في طهارة الماء أغلب، وأسرع تبادرا إلى الذهن عند الإطلاق، وهذه علامة الحقيقة!، والقاعدة في الأصول: [يجب حمل الألفاظ على الحقيقة، ولا يجوز حمله على المجاز إلا بدليل]، ولا دليل!:
وقد أيد بعضهم إرادة المعنى الحقيقي بقرينة مدعاة، وهي:
تقدم ذكر طهارة الماء في الآية:
قال الإمام ابن جرير الطبري –رحمه الله- (3/ 744): " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: إن الله يحب التوابين من الذنوب، ويحب المتطهرين بالماء للصلاة، لأن ذلك هو الأغلب من ظاهر معانيه ":
قال أبو بكر الجصاص الحنفي –رحمه الله- في أحكام القرآن (2/ 39): " قال أبو بكر: المتطهرين بالماء أشبه؛ لأنه قد تقدم في الآية ذكر الطهارة، فالمراد بها الطهارة بالماء للصلاة في قوله: {فإذا تطهرن فأتوهن}، فالأظهر أن يكون قوله: {ويحب المتطهرين} مدحا لمن تطهر بالماء للصلاة، وقال تعالى: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين}، وروي أنه مدحهم لأنهم كانوا يستنجون بالماء ":
تمّ بحمد الله
.................................................. ................
كتبه:
جلال بن علي بن حمدان السلمي
–غفر الله له ولوالديه-
مكة المكرمة.
ـ[بن محمد الحنبلي المصري]ــــــــ[11 - 04 - 10, 08:31 م]ـ
السلام عليكم.
ما شاء الله، تبارك الله. شرح مذهل!! جزاك اللهُ والشيخَ خيرا، ففعلا موضوع استفدت منه كثيرا، فبارك الله فيكما.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[12 - 04 - 10, 05:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أبا المقداد
ولا بأس أن تراجع الشيخ في بعض القواعد الأصولية لزيادة البيان .... ومما ذكرته أخيرا قاعدة: الأمر بعد الحظر للوجوب؛ والمعتمد أن الأمر بعد الحظر يرجع إلى ما كان عليه قبل الحظر، ومثله القول في القواعد الأخرى
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[19 - 04 - 10, 12:28 ص]ـ
للتحميل:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1266448#post1266448
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[21 - 04 - 10, 12:54 م]ـ
لله درّه