تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حكم الائتمام أو الاقتداء بالمسبوق]

ـ[أبو سعد البرازي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 01:44 م]ـ

مسألة: ما حكم الائتمام بالمسبوق؟

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد؛

فإن آكد ما على المكلف معرفته أحكام عباداته, وآكدها ما لم تسقط عنه بحال -ما دام مكلفا- ألا وهي الصلاة, لذا سوف نستعرض في هذا المقال-القصير- مسألة دقيقة من المسائل المتعلقة بصلاة الجماعة ,

وهي حكم الائتمام بالمسبوق:

المسبوق: هو الذي أدرك الإمام بعد ركعة أو أكثر وهو يقرأ فيما يقضي مثل قراءة إمامه الفاتحة والسورة ... (1)

وصورتها: أن يقومَ مسبوقٌ -بركعة أو أكثر- بعد سلام الإمام ليقضي ما فاته من ركعات, فيأتمّ به من لم يدرك الجماعة الأولى , أو أن يأتم مسبوق بمسبوق آخر بما فاتهما من الصلاة إذا سلم الإمام, أو يأتم مقيم بمثله إذا سلم إمام مسافر.

وقد اختلف الفقهاء في حكم الائتمام أو الاقتداء بالمسبوق, على قولين:

القول الأول:

وهو قول الحنفية (2) والمالكية (3) , أنه لا يجوز الائتمام بالمسبوق ولا تصح صلاة المأتم به, وفصل المالكية: إذا أدرك ركعة مع الإمام أو أكثر, أما إذا لم يدرك ولا ركعة فتصح, واستدلوا:

1 - بقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ ... ) (4) فالمأموم تابع للإمام غير متبوع، ولو قلنا: إن المأموم يصير إماماً، فإن هذا لا يتحقق بوصف الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة بين المأموم والإمام، والقسمة لا تقتضي التشريك، فدل على أن المأموم لا يكون إماماً ومؤموماً في وقت واحد.

2 - وبقوله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن) (5) فالمأموم يترك قراءة الفاتحة والقيام عند إدراكه الركوع مع الإمام فيتحملها عنه الإمام , فإذا كان هذا حال المسبوق فكيف بمن ائتم به.

ونوقشا: أن هذا ليس في محل النزاع , لأن المسبوق حين يسلم الإمام يقضي ما عليه فيكون في حكم المنفرد ودليل ذلك أنه لو سها فيما سُبِق به سجد للسهو ولم يحمله عنه إمامه.

3 - ولأن هذا تضمَّن انتقالاً من إمام إلى إمام، وانتقالاً من ائتمام إلى إمامة بلا عُذر، ولا يمكن أن ينتقل من الأدنى إلى الأعلى، فكون الإنسان إماماً أعلى من كونه مأموماً.

ونوقش: أنه انتقال من جماعة إلى أخرى لعذر السبق

4 - ولأنَّ هذا لم يكن معروفاً في عهد السَّلف، فلم يكن الصَّحابة إذا فاتهم شيء من الصَّلاة يتَّفقون أن يتقدَّم بهم أحدُهم؛ ليكون إماماً لهم، ولو كان هذا من الخير لسبقونا إليه.

5 - أن القول بجواز وصحة إمامة المسبوق يؤدي إلى التسلسل فيدخل مع المسبوق -حين يقضي ما فاته- من لم يدرك الجماعة الأولى وربما يفوته شيء فيقضيه، ثم يأتي ثالث ورابع .... ألخ

القول الثاني:

وهو قول الشافعية (6) والحنابلة (7) في الأصح, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (8) , أنه يجوز الائتمام بالمسبوق, وتصح صلاة المؤتم به, وزاد الحنابلة: إلا أن تكون جمعة, واستدلوا:

1 - بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نمت عند ميمونة والنبي صلى الله عليه و سلم عندها في تلك الليلة فتوضأ ثم قام يصلي فقمت على يساره فأخذني فجعلني عن يمينه ... ) (9)

2 - وبحديث أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي في رمضان فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل آخر فقام أيضا حتى كنا رهطا فلما حس النبي صلى الله عليه و سلم أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة) (10)

قالوا: فيهما دليل على أن المنفرد يصح أن يتحول إلى إمام , والمسبوق فيما يقضيه من صلاته في حكم المنفرد- بدليل أنه يقرأ ويسجد للسهو إذا سها-, إذا تصح إمامة المسبوق.

3 - وبحديث عائشة –رضي الله عنها- في استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر -رضي الله عنه- وفيه: ( ... فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جلس عن يسار أبي بكر قالت فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه و سلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر ... ) (11)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير