[هل بجزيء الاستجمار إن جاوز البول محل عادة غالب الناس وجاوز الحشفة لمن صار ذلك عادة خاصة له؟]
ـ[طارق عنقاوي]ــــــــ[17 - 01 - 10, 11:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا تجاوز البول محل العادة, فقد قال المالكية والحنابلة بوجوب الاستنجاء.
وأما الشافعية في الأظهر فأوجبوه إذا تجاوز البول الحشفة.
والحنفية يجوبون الغسل بالماء إذا جاز البول قدر الدرهم.
والفقهاء راعوا في تلك الضوابط الأحوال العادية لغالب الناس. والمقصد المراعى هو دفع المشقة الغالبة.
والمسألة محل البحث, هي في مراعاة العادة الخاصة بأشخاص معينين, يتحاوز البول عندهم في العادة الخاصة الحشفة, فإن لم نراع عادتهم الخاصة وحملناهم على التقييد بالحشفة أو بموضع العادة عند غالب الناس أوجبنا عليهم الغسل, وهذا فيه من المشقة ما فيه.
وظاهر عبارات كثير من الفقهاء عدم مراعاة العادة الخاصة بالأشخاص المعينين, ولكن جاء في كلام بعض الفقهاء مراعاتها, ومن ذلك:
أولا: المالكية:
جاء في حاشية العدوي: (وَكَذَا يَتَعَيَّنُ فِي مُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا , وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَلَوُّثِهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا. قَالَهُ تت: قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ عَادَةِ كُلِّ شَخْصٍ).
ثانيا: الشافعية:
جاء في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: (وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ خُرُوجِ مَقْعَدَةِ الْمَبْسُورِ وَرَدِّهَا بِيَدِهِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ هُنَا بِمُجَاوَزَةِ الصَّفْحَةِ أَوْ الْحَشَفَةِ دَائِمًا عُفِيَ عَنْهُ فَيَجْزِيهِ الْحَجَرُ لِلضَّرُورَةِ).
قال الرملي في نهاية المحتاج: (وظاهر كلامهم يخالفه إلا أن يحمل على من فقد الماء).
قال الشبراملسي في حاشيته: (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ كَمَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْحَمْلُ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ مَعَ الْمَاءِ, فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُصَلِّي عِنْدَ الْفَقْدِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ, وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُ بِالْمُجَاوَزَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ , وَيُحْتَمَلُ إجْزَاءُ الْحَجَرِ لِلْمَشَقَّةِ ا هـ. قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَوْجَهُ).
جاء في حاشية قليوبي: (قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُجَاوِزُ لِمَا ذَكَرَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَإِنْ اُبْتُلِيَ بِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ , وَفِي شَرْحِهِ مُوَافَقَةُ ابْنِ حَجَرٍ , وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ , وَفِيهِ نَظَرٌ).
جاء في تحفة الحبيب: (وَفِي شَرْحِ م ر] أي شرح الرملي [: أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ مُجَاوِزِ الصَّفْحَةِ وَالْحَشَفَةِ فِيمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ دَائِمًا بِشَرْطِ أَنْ يَفْقِدَ الْمَاءَ. ا هـ م د] أي الشيخ محمد المدابغي [).
فصل
لا إشكال في جواز الاستجمار في هذه الحالة عند من يرجح جوازه مطلقا, كما في الاختيارات لابن تيمية رحمه الله: (ويجزئ الاستجمار ولو تعدى الخارج إلى الصفحتين والحشفة وغير ذلك, لعموم الأدلة بجواز الاستجمار, ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك تقدير).
ولكن هذا الترجيح غير مرضي عند بعض العلماء, وأجاب بعضهم عن عدم تقديره بأنّ مبناه على أن الأصل بقاؤه في موضع العادة.
وهؤلاء العلماء يرون أنّ علة جواز الاستجمار في موضع العادة دفع المشقة المتكررة.
وقد يقال أنّ ذات المشقة توجد في صاحب العادة الخاصة, فطرد العلة الجواز له أيضا, وليس في تقدير ذلك بالحشفة – كما يرى الشافعية – تقدير من الشارع يجب عدم تجاوزه.
أرجو أن يدلي الإخوة بدلوهم للمساعدة في الوصول لترجيح في هذه المسألة.
ـ[طارق عنقاوي]ــــــــ[21 - 01 - 10, 07:10 ص]ـ
هل من مشارك؟
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[21 - 01 - 10, 07:34 ص]ـ
الاستجمار (خاصة بالمنديل) يقلل النجاسة.
فهل يُعفى عن (اليسير جداً) من النجاسة؟
ذهب بعض أهل العلم إلى العفو عن ذلك.
ـ[طارق عنقاوي]ــــــــ[21 - 01 - 10, 08:02 ص]ـ
الاستجمار (خاصة بالمنديل) يقلل النجاسة.
فهل يُعفى عن (اليسير جداً) من النجاسة؟
ذهب بعض أهل العلم إلى العفو عن ذلك.
بارك الله فيك
تناولك المسألة من هذه الجهة لفتة جيدة منك
لكن يلاحظ أنّ القائلين بذلك هم ذاتهم من حدّوا للاستجمار حداً, وجعلوا ما تجاوزه موجبا للغسل. فلعلهم يرون أن في هذا التحديد اغتفار ليسير النجاسة, ومتى تجاوزت الحد خرجت عن كونها يسيرة.
فالمسألة تكون خارجة عن اسم اليسير, لأن اليسير هو دون ذلك الحد, سواء كان الحد قدر درهم أو موضع عادة غالب الناس.
هذا ما يرد على تخريج ما زاد عن موضع عادة غالب الناس أو الحشفة على مسألة اغتفار يسير النجاسة.
وأما قضية تخفيف النجاسة بالاستجمار, فأظنها تعود للخلاف في كون الاستجمار مطهر, يرد عليها ما ذكرته سابقا, لأنّ عندنا موضعين:
1 - موضع الاستجمار (سواء قلنا أنه موضع عادة غالب الناس أو الحشفة)
2 - ما تجاوز ذلك.
فإذا قلت أن الاستجمار يخفف النجاسة في الثاني, لزمك أنه خفف النجاسة في الأول كذلك, فكون النجاسة تخفف في (2) معلوم عند من أوجبوا الغسل, ومع ذلك أوجبوه. لأن اغتفار الاقتصار على التخفيف من النجاسة في موضع العادة مناسب لتخفيف المشقة المتكررة, بخلاف ما زاد عن الموضع فلم يكف فيه التخفيف.
وجزاك الله خيرا على مشاركتك القيمة.
¥