تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سنة الجمعة القبلية، دراسة حديثية أصولية فقهية، للشيخ: جلال بن علي السلمي .. حفظه الله.]

ـ[أبو المقداد]ــــــــ[08 - 02 - 10, 02:41 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .. وبعد:

فهذا بحث في مسألة (السنة القبلية لصلاة الجمعة)، أصلُه مدارسة ومناقشة جرت بين الشيخ - حفظه الله - وبعض الإخوان، ثم أعاد ترتيبه وصياغته ليصلح للنشر .. وفي البحث تقريرات أصولية ماتعة، وتحريرات حديثية نافعة، أسأل الله أن يكتب فيه النفع لكل من قرأه.

قال الشيخ – حفظه الله وسدده-:

يستحب لمن أتى الجمعة قبل وقت النهي أن يصلي ما كُتب له أي ما شاء مما كتبه الله وقدره، ودليل ذلك:

أ- ما جاء عند البخاري في الصحيح من حديث سلمان الفارسي-رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة، وتطهر بما استطاع من طهر، ثم ادهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين، فصلى ما كتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى».

ومأخذ الحكم من الحديث: من قوله: «غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى»، فهذا ترتيب ثواب على مجموع أفعال ومنها صلاة ما كتب له, والقاعدة في الأصول: [أن ترتيب الثواب على الفعل يقتضي الشرعية-القدر المشترك بين الإيجاب والندب-والأصل عدم الأول فتعين الثاني].

ب- ما جاء عند مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام».

ومأخذ الحكم من الحديث: من قوله: غفر له ... إلخ، وتقريره على الوجه الذي سبق، وقوله: «وفضل ثلاثة أيام» هذا آخر الأمرين, وهو من باب تجدد النعم.

وهذا القدر من التقرير" أي استحباب الصلاة لمن أتى الجمعة قبل وقت النهي" ممالا أعلم فيه خلافا.

واختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في مسألة متعلقة بالبحث وهي: هل للجمعة سنة قبلية راتبة أم لا؟ , وذلك على قولين:

* القول الأول: أن للجمعة سنة قبلية راتبة، أقلها ركعتان وأكملها أربع ركعات، وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في قول.

[انظر حاشية ابن عابدين (2/ 13 - 14) بدائع الصنائع (1/ 287). والمجموع (3/ 305) نهاية المحتاج (2/ 111) والمغني (3/ 250) المبدع (2/ 169)]

* القول الثاني: أنه ليس للجمعة سنة راتبة قبلية، وهذا مذهب المالكية, والحنابلة.

[انظر حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 147) الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 318) بلغة السالك (1/ 135). والمغني (3/ 250) الإنصاف (5/ 266)]

أدلة أصحاب القول الأول:

1 - ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مغفل-رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عيه وسلم قال: «بين كل أذانين صلاة»، قالها ثلاثا، وقال في الثالثة: «لمن شاء».

وجه الاستدلال بالحديث: أن قوله: «بين كل أذانين صلاة» خبر بمعنى الأمر، وقد قيد الأمر بالمشيئة, والقاعدة في الأصول: [أن الأمر إذا قيد بالمشيئة أفاد الندب]، هذا تقرير استحباب الصلاة، وأما تقرير استحبابها قبل الجمعة فمن قوله: «كل أذانين»، والقاعدة في الأصول: [أن "كل" تفيد عموم مدخُولها]، فيشمل أذان وإقامة الجمعة.

وأجيب: أن صلاة الجمعة لا تدخل في عموم هذا الحديث، فقد جاءت الشريعة بتحريم الكلام والإمام يخطب يوم الجمعة، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت»، وهذا حديث خاص، والحديث الذي استدلوا به عام، والقاعدة في الأصول: [إذا تعارض العام والخاص قدم الخاص].

ونوقش الجواب: بأن هذا التقرير إنما يستقيم في زمانه صلى الله عليه وسلم لأن الخطبة كانت تقع بعد الأذان مباشرة، أما بعد إحداث عثمان للأذان الأول فلا يستقيم، لأنه يمكن أن يؤديها بين أذان عثمان والأذان الذي كان في زمانه صلى الله عليه وسلم، وليس هذا بوقت للخطبة، وبهذا يصدق عليه أنه صلى بين أذانين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير