تأكيدا لماذكره الشيخ الدكتور / أبومجاهد العبيدي وفقه الله تعالى في المشاركة ... أنقل لكم ماذكره الدكتور / فاضل السامرائي حفظه الله .. في لقاء معه بعنوان " لمسات بيانية في القرآن الكريم "، حيث قال وفقه الله:
وردت آيتان كريمتان تتحدثان عن أمر واحد في سورة واحدة ... ومع ذلك اختلف التعبير في كل منها:
أخبر الله تعالى بأنه سيرى العمل هو ورسوله في قوله تعالى في سورة التوبة: " وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ".
وأخبر في آية تالية في نفس السورة بأنه سيرى عملهم هو ورسوله والمؤمنون وذلك في قوله تعالى: " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ".
الآية الأولى: كانت في سياق الحديث عن المنافقين ... وهم كفار اتخذوا وسيلة إظهار الإسلام وإبطان الكفر محاولة يائسة لنقض الإسلام من داخله ...
أما الثانية: فقد جاءت في سياق الحديث عن المؤمنين الصالحين ودعوتهم إلى العمل الصالح وخاصة دفع الزكاة.
جاء حذف كلمة " والمؤمنون " في سياق الآية الأولى لأن الكلام فيها عن المنافقين ... ولطبيعة النفاق فإن المسلمين لا يعلمون ما يخفي المنافق في قلبه، لأنهم لا يعلمون الغيب.
والله تبارك وتعالى عالم السر وأخفى أخبر سيدنا محمدا بأسمائهم كلهم.
هم قدموا أعذارهم المقبولة ظاهريا أمام المسلمين ولكن الله ورسوله يعلمان كذبها، لكن باقي المؤمنين لا يعلمون ذلك.
أما في الآية الثاني فهي في سياق الحديث عن أعمال المسلمين الظاهرة المكشوفة من صلاة وزكاة ... يراها إخوانهم المسلمون ويطلعون عليها.
وهناك قضية أخرى وهي سر التعبير بـ (ثم) في الآية الأولى والتعبير بالواو في الآية الثانية.
بيَّن ذلك الكرماني بقوله: " الآية الأولى في المنافقين ولا يطلع على ضمائرهم إلا الله ثم رسوله بإطلاع الله إياه ... والثانية في المؤمنين وطاعات المؤمنين وعاداتهم الظاهرة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وختم آية المنافقين بقوله " ثم تردون " فقطعه عن الأول لأنه وعيد.
وختم آية المؤمنين بقوله " وستردون " لأنه وعد ... فبناه على قوله " فسيرى الله عملكم " ... "
وفي اختلاف التعبير دلالة أيضا على استعجال الوعد وعدم استعجال الوعيد:
وعدُ الله للمؤمنين بقبول أعمالهم مباشرة ... فالصدقة تقع في يد الله تعالى قبل وقوعها في يد الفقير ... وفي ذلك إشارة إلى عاجل بشرى المؤمن.
ووعيد الكفار بفضحهم وتعذيبهم في نار جهنم .. إن لم يتوبوا.
(ثم) تفيد الترتيب مع التراخي .. وهي تحمل معنى إمهالهم وعدم التعجيل بعذابهم لفتح باب التوبة لهم ليعودوا ...
وإلا فلا يظنون ـ إن طال بهم الأمد ـ أن الله راضٍ عنهم أو نسيهم ... إن الله يمهل ولا يهمل ... فإن لم ينالوا عذابهم في الدنيا ... فعذاب الآخرة أشد.
فهل أحلم من الله على عباده ..
--
نقل ذلك الأستاذ / عبد الرحيم الشريف قد ذكرها في موقع " موسوعة الإعجاز العلمي ".
ـ[أبو يوسف الحلبي]ــــــــ[19 - 12 - 09, 10:48 ص]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله، موضوع جميل مفيد جداً.
جزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[03 - 05 - 10, 01:22 م]ـ
بارك الله فيكم