تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس هذا هو كل ما يدعو للعجب من أمر هذا المجمع، فقد تقدَّم عضو من أبرز أعضائه، وهو عبدالعزيز فهمي – ثالث الثلاثة الذين بني عليهم الوفد المصري – في السنة 1943 باقتراح كتابة العربية بالحروف اللاتينية، وشغل المجمع ببحث اقتراحه عدة جلسات، امتدت خلال ثلاث سنوات، ونشر في الصحف، وأرسل إلى الهيئات العلمية المختلفة، وخصصت الحكومة جائزة مقدارها ألف جنيه لأحسن اقتراح في تيسير الكتابة العربية [9] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn9).

أليس يدعو ذلك إلى أن نتساءل: هل أنشئ هذا المجمع لينظم جهود حماة العربية، أو أنشئ ليكسب الهدم والهدامين صفة شرعية، وليضع على بيت حفار القبور لوحة نحاسية كتب عليها بخط عريض "طبيب" [10] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn10)، وعلى وكر القاتل السفاح اسم "جراح"؟!

أليس يرضى الاستعمار عن مثل اقتراح المعلوف، واقتراح عبدالعزيز فهمي؟ أليس يرضى عنه العضو الإنجليزي الموقر هـ. ا. ر. جب، الذي يقرر في كتابه "إلى أين يتَّجه الإسلام؟ " عند كلامه عن الوحدة الإسلامية، أنَّ من أهم مظاهرها الحروف العربية التي تستعمل في سائر العالم الإسلامي، واللغة العربية التي هي لغته الثقافية الوحيدة، والاشتراك في كثير من الكلمات والاصطلاحيَّة العربية الأصل [11] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn11)، أليس يرضى عنه الاستعمار الفرنسي الذي حارب العربية الفصيحة في شمال إفريقيا أعنف الحرب، وضيق عليها أشد التضييق، ووضع مستشرقوه مختلف الكتب في دراسة اللهجات البربرية وقواعدها لإحلالها محل العربية الفصيحة؟ [12] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn12) أليس يرضى عنه المستشرق الألماني كامفماير الذي يقرر في شماتة أن تركيا لم تعد بلدًا إسلاميًّا، فالدين لا يدرس في مدارسها، وليس مسموحًا بتدريس اللغتين العربية والفارسية في المدارس، ثم يقول (إن قراءة القرآن العربي وكتب الشريعة الإسلامية قد أصبحت الآن مستحيلة بعد استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية)؟!

وبعد فهذه الدَّعوة هي أخطر الشعب الثلاث التي عرضناها في هذا الفصل إن الدعوات التي تستهدف هدم الدين أو الأخلاق، قد تضل جيلاً من الشباب؛ ولكن الأمل في إنقاذ الجيل القادم يظل كبيرًا ما دام القرآن حيًّا مقروءًا، وما دام الناس يتذوَّقون حلاوة أسلوبه وجمال عبارته، أمَّا هذه الدعوة الخطيرة، فهي ترمي إلى قتل القرآن نفسه – وهيهات – والحكم عليه بأن يُصْبِح أثرًا ميتًا؛ كأساطير الأوَّلين التي أصبحت حشو لفائف البردي، أو بأن يصبح أسلوبه عتيقًا باليًا لتحويل أذواق الأجيال الناشئة عنه، وتنشئتهم على تذوق ألوان أخرى من الأساليب المستجلبة من الغرب، وبينما نجح اليهود في إحياء لغتهم العبرية الميتة، واتخاذها لغة للأدب والحياة، كان بعض المفتونين من العرب ينادون – ولا يزالون – بأن اللغة العربية الفصيحة لغة ميتة، وينشرون في ذلك المقالات الطوال، المكتوبة "بالعربية الفصيحة" التي يزعمون موتها، والَّتِي يقرؤها أقل الناس حظًّا من الثقافة في الصحف فلا يغيب عنه منها شيء؛ بل إنا لنرى الأميين في الصباح وفي المساء مجتمعين حول رجل منهم لا تتجاوز ثقافته الإلمام بالقراءة، يطالع لهم الصحف، وهي غير مضبوطة بعلامات الشكل، وهم من حوله يستمعون فيفهمون.

يزعمون أنَّ قواعدها صعبة معقدة، وفي اللغات الأوربية الحية ما هو أشد منها صعوبة وتعقيدًا كالألمانية، ويقولون إنَّ الشاذَّ فيها من غير القياسي كثير، والشذوذ في صيغ الأفعال وفي صيغ الجمع والتأنيث وفي المصادر يملأ اللغات الأوروبية كلها، والشواهد عليه لا تحصى، وقالوا إن الكتابة فيها غير ميسرة، مع أنَّ مطابقة الصوت المسموع للصورة المقروءة هي في العربية أوضح منها في الإنجليزية وفي الفرنسية، اللتين يتقنهما معظم المتذمرين، وصانعي الفتن من الهدامين، فالفرنسي يسقط من النطق أربعة حروف من أواخر الكلمات في كثير من الأحيان، والإنجليزي يفعل ذلك في مثل حرفي ( H ) و ( O ) في ( Honour )، وحرفي ( gh ) في ( right )، وفي ( through )، وهو بعد ذلك يكتب الصوت الواحد في ست صور أحيانًا، مثل الياء التي تصور الكسرة الطويلة في مثل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير