تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الشعبة الثانية التي تدعو إلى تيسير الخط العربي فقد ظهرت مع مطلع القرن العشرين، ورأيناها في كتاب القاضي ولمور عن اللغة المصرية ( The spoken Arabic of Egypt ) الذي اقترح فيه إلى جانب الأخذ بالعاميَّة كتابة هذه العامية بالحروف اللاتينية، وقد مرَّت الإشارة إليه [25] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn25) ولقي الاقتراح إعراضًا، وهاجم الناس صاحبه هجومًا شديدًا، كما هاجموا من قبل اقتراحًا سابقًا مُزْدَوجًا يتناول اللغة والكتابة للطفي السيد، الذي يُسَمِّيه سلامة موسى (منشئ الوطنيَّة المصريَّة الحديثة).

وسكتت الفتنة، حتَّى جاء مصطفى كمال فحَمَل الناسَ في تركيا على ما حملهم عليه من الأضاليل، وكان في جملة ما سامَهُم من الأباطيل استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية [26] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn26)، فتجدَّدَ كلامُ النَّاس في إصلاح الخطِّ وخاضَتِ الصُّحُف فيه، وكان أعجب ما ظهر في ذلك المشروع الذي تقدم به شيخٌ من شُيوخ مَجمع اللغة العربية في مختتم هذه الفترة التي نؤرخها، واقترح فيه اتخاذ الحروف اللاتينية للكتابة العربية [27] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn27).

سألت مجلة "الهلال" في سنة 1932 ثلاثة من المشتغلين بالدراسات العربية "هل ينبغي تغيير الحروف العربية؟ " وقدَّم المحرِّرُ لإجابتهم بقوله [28] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2111#_ftn28): " وفد على مصر في الشهر الماضي العلامة اللغوي الأب أنستاس الكرملي، فأتاحت الفرصة لأحد محرري الهلال الاجتماع به، فدار الحديث حول شؤون كثيرة تتعلَّق باللغة العربية، وكان أهم ما تناوله الحديثُ مسألة إصلاح الحروف العربية حتى تسهل القراءة بها، فأطْلَعَنَا جنابه على طريقة ابتكرها لإصلاح هذه الحروف، فأحبَبْنا أن نطلع القُرَّاءَ عليها، وطلبنا أن يوافينا برأيه في هذا الموضوع، كما طلبنا إلى عالمين جليلين أن يَقُولا كَلِمَتَهما في هذا الموضوع أيضًا، وهما الأستاذ محمد فريد وجدي، والأستاذ محمد مسعود، وسيرى القارئ في هذه الردود الثلاثة آراء مختلفة، له أن يحبذ منها ما يشاء".

أمَّا أنستاس الكرملي فهو يبدأ إجابته بأنه يرفض كتابة اللغة العربية بحروف غير حروفها، لأنَّ ذلك يقطع الصلة بيننا وبين تُراث أجدادنا؛ ولكنه لا يلبث أن يقترح بعد ذلك وضع الحركات في صلب الكتابة، وتصوير الفتحة والكسرة والضمة بألف وياء وواو مشطورة بخط، كما يقترح أشكالاً جديدة للحركات الأوروبية التي لا نظير لها في العربية، مثل حروف u, e, o ، وبذلك نرى أنه انتهى إلى مخالفة ما بدأ به.

أما محمد مسعود فهو يعارض أنستاس أشد المعارضة، ويرى أن في الحروف العربية ميزة لا تتوافر في غيرها من اللغات، وهي الاختصار، ويقول إنَّ أقلَّ إلمام بقواعد اللغة يغني القارئ عن الشكل الكامل، فلا يَحتاج إلا إلى (بعض الحركات توضع على حرف واحد أو حرفين في كل بضع كلمات، مرشدًا إلى الصواب في النطق، وواقيًا على كل حال من مزالق الأخطاء، وهو يبيِّنُ ما يترتَّب على تنفيذ اقتراح أنستاس من تعقيد وإضرار، فمن ذلك تضخم الكتب المطبوعة، والاضطرار إلى تغيير حروف الطباعة، وهو بعد ذلك لا يرى ضرورة لمحاولة إيجاد مصطلحات كتابية لتصوير الحركات الأوربية التي لا مقابل لها في العربية، فالعربية نفسها فيها من الحروف ومن الأصوات ما لا يوجد له نظير أو مقابل في اللغات الأوربية، ثم إنه يقول متسائلاً: (دع كل أولئك، وقل لي فيما لو أخذ بأسلوب الأب المحترم، ماذا يكون الشأن بإزاء القرآن الكريم؟! أيطبق عليه وهو حرم مُقدَّس منيع لا تتناوله طوارئ التبديل والتغيير؟ أم لا يطبق، فتكون في اللغة العربية طريقتانِ لِتَصْوِير الكلمات العربية ولفظها؛ لا ائتلاف بينهما ولا اتِّصال، فتنقطع بلغة العرب الأسباب، وينثَلِمَ جِدار القَوميَّة العربية، وتُحلُّ أواصِرُ الدِّين، بل وتعمل فيه معاول الهدم والتدمير؟).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير