تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا طِيبَ للعيش ما دامت مُنغَّصَةً لذَّاتُه بادِّكار الموت والهرمِ قال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً} ما وجد فهو قادر على إعدامه، وما عُدِم فهو قادر على إيجاده، وليس بين الإيجاد والعدم إلَّا كلمة (كن}، قال الله تعالى:) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس:82). وفي قوله: {مُقْتَدِراً} مبالغة في القدرة، ثم قال الله مقارناً بين ما يبقى وما لا يبقى:

...

) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف:46)

قوله تعالى: {) الْمَالُ} من أي نوع سواء كان من العروض أو النقود أو الآدميين أو البهائم.

(وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ولا ينفع الإنسان في الآخرة إلَّا ما قدَّم منها، وذكر البنين دون البنات لأنه جرت العادة أنهم لا يفتخرون إلَّا بالبنين، والبنات في الجاهلية مهينات بأعظم المهانة كما قال الله:) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ) (النحل:58)، أي صار وجهه مسوداً وقلبه ممتلئاً غيظاً

{يتوارى من القوم} يعني يختبئ منهم {من سوء ما بشر به}، ثم يُقَدِّرُ في نفسه) أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ) (النحل: من الآية59). بقي قسم ثالث وهو أن يُمسِكَهُ على عِزٍّ وهذا عندهم غير ممكن، ليس عندهم إلَّا أحد أمرين:

1 - إما أن يمسكه على هون.

2 - يَدُسه في التراب، أي يدفنه فيه وهذا هو الوأد، قال الله تعالى: {أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.

وقوله تعالى: {زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي أن الإنسان يتجمل به يعني يتجمل أنَّ عنده أولاداً، قدر نفسك أنك صاحب قِرى يعني أنك مضياف وعندك شباب، عشرة، يستقبلون الضيوف، تجد أن هذا في غاية ما يكون من السرور، هذه من الزينة، كذلك قدر نفسك أنك تسير على فرس وحولك هؤلاء الشباب يَحُفُّونك من اليمين ومن الشمال ومن الخلف ومن الأمام، تجد شيئاً عظيماً من الزينة، ولكن هناك شيء خير من ذلك.

قال تعالى: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)

(وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ) هي الأعمال الصالحات من أقوال وأفعال ومنها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنها الصدقات والصيام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، هذه الباقيات الصالحات.

(خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً) أي أجراً ومثوبة.

(وَخَيْرٌ أَمَلاً) أي خير ما يُؤمِّله الإنسان لأن هذه الباقيات الصالحات هي كما وصفها الله بباقيات، أما الدنيا فهي فانية وزائلة.

...

) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (الكهف:47)

قوله تعالى: {) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} أي اذكر لهم {) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} وعلى هذا فإن {) وَيَوْمَ} ظرف عامِلُهُ محذوف والتقدير اذكر {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} أي: اذكر للناس هذه الحال، وهذا المشهد العظيم {{) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} وقد بين الله في آية أخرى أنه يسيرها فتكون سراباً) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً) (النبأ:20) وتكون كالعهن المنفوش:) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (القارعة:5)، وذلك بأن الله تعالى يدُك الأرض وتصبح الجبال كثيباً مهيلاً) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً) (المزمل:14) ثم تتطاير في الجو، هذا معنى تُسَيَّرُ. ومن الآيات الدالة على هذا المعنى قول الله تبارك وتعالى في سورة النمل:) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل:88). بعض الناس قال إنَّ هذه الآية تعني دوران الأرض، فإنك ترى الجبال فتظنها ثابتة ولكنها تسير، وهذا غلط وقول على الله تعالى بلا علم لأن سياق الآية يأبى ذلك كما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير