تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثانية: واختلف العلماء في المراد بالآية فقيل: هي منسوخة روى البخاري: وقال ابن نمير حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة حدثنا ابن ابي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها {وأن تصوموا خير لكم} وعلى هذا قراءة الجمهور يطيقونه أي يقدرون عليه لأن فرض الصيام هكذا: من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينا وقال ابن عباس: نزلت هذه الاية رخصة للشيوخ والعجزة خاصة إذا أفطروا وهم يطيقونه الصوم ثم نسخت بقوله {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} فزالت الرخصة إلا لمن عجز منهم قال الفراء: الضمير في يطيقونه يجوز أن يعود على الصيام أي وعلى الذين يطيقونه الصيام أن يطعموا إذا أفطروا ثم نسخ بقوله: {وأن تصوموا} ويجوز أن يعود على الفداء أي وعلى الذين يطيقون الفداء فدية وأما قراءة يطوقونه على معنى يكلفونه مع المشقة اللاحقة لهم كالمريض والحامل فإنهما يقدران عليه لكن بمشقة تلحقهم في أنفسهم فإن صاموا أجزأهم وإن افتدوا فلهم ذلك ففسر ابن عباس ـ إن كان الإسناد عنه صحيحا ـ يطيقونه بـ يطوقونه ويتكلفونه فأدخله بعض النقلة في القرآن روى أبو داود عن ابن عباس وعلى الذين يطيقونه قال: أثبتت للحبلى والمرضع وروى عنه {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال: كانت رخصة للشيخ الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا وخرج الدار قطني عنه أيضا قال: رخص للشيه الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه هذا إسناد صحيح وروي عنه أيضا أنه قال: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعما مكان كل يوم مسكنيا وهذا صحيح وروي عنه أيضا أنه قال لأم الولد له حبلى أو مرضع: أنت من الذين لا يطيقون الصيام عليك الجزاء ولا عليك القضاء وهذا إسناد صحيح وفي رواية: كانت له أم ولد ترضع ـ من غير شك ـ فأجهدت فأمرها أن تفطر ولا تقضي هذا صحيح

قلت: فقد ثبت بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس أن الآية ليست بمنسوخة وأنها محكمة في حق من ذكر والقول الأول صحيح أيضا إلا أنه يحتمل أن يكون النسخ هناك بمعنى التخصيص فكثيرا ما يطلق المتقدمون النسخ بمعناه والله أعلم وقال الحسن البصري و عطاء بن أبي رباح والضحاك و النخعي و الزهري و ربيعة و الأوزاعي وأصحاب الرأي: الحامل والمرضع يفطران ولا إطعام عليهما بمنزلة المريض يفطر ويقضي وبه قال أبو عبيد و أبو ثور وحكى ذلك أبو عبيد عن أبي ثور واختاره ابن المنذر وهو قول مالك في الحبلى إن أفطرت فأما المرضع إن أفطرت فعليها القضاء والإطعام وقال الشافعي و أحمد: يفطران ويطعمان ويقضيان وأجمعوا على أن المشايخ والعجائز الذين لا يطقيون الصيام أو يطيقونه على مشقة شديدة أن يفطروا واختلفوا فيما عليهم فقال ربيعة و مالك: لا شيء عليهم غير أن مالكا قال: لو أطعموا عن كل يوم مسكينا كان أحب إلي وقال أنس وابن عباس وقيس بن السائب وأبو هريرة: عليهم الفدية وهو قول الشافعي واصحاب الرأي و أحمد و إسحاق اتباعا لقول الصحابة رضي الله عن جميعهم وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} ثم قال: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} وهؤلاء ليسوا بمرضى ولا مسافرين فوجبت عليهم الفدية والدليل لقول مالك: أن هذا مفطر لعذر موجود فيه وهو الشيخوخة والكبر فلم يلزمه إطعام كالمسافر والمريض وروي هذا عن الثوري و مكحول واختاره ابن المنذر

الثالثة: واختلف من أوجب الفدية على من ذكر في مقدارها فقال مالك: مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم عن كل يوم أفطره وبه قال الشافعي وقال أب حنيفة: كفارة كل يوم صاع تمر أو نصف صاع بر وروي عن ابن عباس نصف صاع من حنطة ذكره الدار قطني وروي عن ابي هريرة قال: من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم فعليه لكل يوم مد من قمح وروي عن أنس بن مالك أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة من طعام ثم دعا بثلاثين مسكينا فأشبعهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير