تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وهذا الحديث عام فيحتمل أن يكون المراد بقوله: [لا يصوم أحد عن أحد] صوم رمضان فأما صوم النذر فيجوز بدليل حديث ابن عباس وغيره فقد جاء في صحيح مسلم أيضا من حديث بريدة نحو حديث ابن عباس وفي بعض طرقه:

[صوم شهرين أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها قالت: إنها لم تحج قط افأحج عنها؟ قال: حجي عنها] فقولها: شهرين يبعد أن يكون رمضان والله أعلم وأقوى ما يحتج به لـ مالك أنه عمل أهل المدينة ويعضده القياس الجلي وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا تفعل عمن وجبت عليه كالصلاة ولا ينقض هذا بالحج لأن للمال فيه مدخلا

السادسة عشرة: استدل بهذه الآية من قال: إن الصوم لا ينعقد في السفر وعليه القضاء أبدا فإن الله تعالى يقول: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} أي فعليه عدة ولا حذف في الكلام ولا إضمار وبقوله عليه الصلاة والسلام:

[ليس من البر الصيام في السفر] قال: ما لم يكن من البر فهو من الإثم فيدل ذلك على أن صوم رمضان لا يجوز في السفر والجمهور يقولون: فيه محذوف فأفطر كما تقدم وهو الصحيح لحديث أنس قال:

[سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم] رواه مالك عن حميد الطويل عن أنس وأخرجه مسلم عن ابي سعيد الخدري قال:

غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان فمنا من صام ومنا من أفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم

قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} فيه خمس مسائل:

الأولى: قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه} قرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء وأصله يطوقونه نقلت الكسرة إلى الطاء وانقلبت الواو ياء لإنكسار ما قبلها وقرأ حميد على الأصل من غير اعتلال والقياس الاعتلال ومشهور قراءة ابن عباس يطوقونه بفتح الطاء مخففة وتشديد الواو بمعنى يكلفونه وقد روى مجاهد يطيقونه بالياء بعد الطاء على لفظ يكيلونه وهي باطلة ومحال لأن الفعل مأخوذ من الطوق فالواو لازمة واجبة فيه ولا مدخل للياء في هذا المثال قال أبو بكر الأنباري: وأنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لأبي ذؤيب:

(فقيل تحمل فوق طاقك إنها ... مطبعة من يأتها لا يضيرها)

فأظهر الواو في الطوق وصح بذلك أن واضع الياء مكانها يفارق الصواب وروى ابن الأنباري عن ابن عباس يطيقونه بفتح الياء وتشديد الطاء والياء مفتوحتين بمعنى يطيقونه يقال: طاق وأطاق وأطيق بمعنى وعن ابن عباس أيضا وعائشة و طاوس وعمرو بن دينار يطوقونه بفتح الياء وشد الطاء مفتوحة وهي صواب في اللغة لأن الأصل يتطوقونه فأسكنت التاء وأدغمت في الطاء فصارت طاء مشددة وليست من القرآن خلافا لمن أثبتها قرآنا وإنما هي قراءة على التفسير وقرأ أهل المدينة والشام فدية طعام مضافا مساكين جمعا وقرأ ابن عباس طعام مسكين بالإفراد فيما ذكر البخاري و أبو داود و النسائي عن عطاء عنه وهي قراءة حسنة لأنها بينت الحكم في اليوم واختارها أبو عبيد وهي قراءة ابي عمرو وحمزة و الكسائي قال أبو عبيد: فبينت أن لكل يوم إطعام واحد فالواحد مترجم عن الجميع وليس الجميع بمترجم عن واحد وجمع المساكين لا يدرى كم منهم في اليوم إلا من غير الآية وتخرج قراءة الجمع في مساكين لما كان الذين يطيقونه جمع وكل واحد منهم يلزمه مسكين فجمع لفظة كما قال تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} أي أجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة فليست الثمانون متفرقة في جميعهم بل لكل واحد ثمانون قال معناه أبو علي واختار قراءة الجمع النحاس قال: وما اختاره أبو عبيد مردود لأن هذا إنما يعرف بالدلالة فقد علم أن معنى وعلى الذين يطقيونه فدية طعام مساكين أن لكل يوم مسكينا فاختيار هذه القراءة لترد جمعا على جمع قال النحاس: واختار أبو عبيد أن يقرأ فدية طعام قال: لأن الطعام هو الفدية ولا يجوز أن يكون الطعام نعتا لأنه جوهر ولكنه يجوز على البدل وابين منه أن يقرأ فدية طعام بالإضافة لأن فدية مبهمة تقع للطعام وغيره فصار مثل قولك: هذا ثوب خز

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير