قوله تعالى: (فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة:85).
وقوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح:18).
وقوله تعالى: (فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:148).
وقوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف:31).
وقوله تعالى: (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً) (مريم:76).
وغلب استعمال لفظة (الثياب) على الملبوسات، وقد ورد في القرآن في عدة آيات؛ منها:
قوله تعالى: (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (هود:5).
وقوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف:31).
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (النور:58).
ويُستفاد من معرفة غلبة استعمال الهرب للفظة ما بمعنى من المعاني أن تُحمَل على هذا المعنى حال اختلاف التفسير، ومن ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر:4)، فقد ورد في معنى الثياب في هذه الآية أقوال، منها:
1 ـ أنها الثياب الملبوسة، ويشهد لهذا غلبة استعمال هذا اللفظ بهذا التصريف عن العرب على ما يُلبس.
2 ـ وقد فسَّر بعضهم الثياب بالفعل والعمل، والمراد: أصلح عملك، واجعله خالصًا لله، وقد ورد هذا الإطلاق عن العرب، فكان الرجل إذا كان خبيث العمل، قالوا: فلان خبيث الثياب، وإذا كان حسن العمل، قالوا: فلان طاهر الثياب، قاله أبو رُزين (تفسير الطبري).
وهذا المعنى مركبٌ من تصوُّرِ مادتين لغويتين، وهما: الثوب، واللبس، فلما كان العمل يتلبس به الإنسان كما يتلبس بثوبه الذي يلبسه، عبَّروا عن الثوب بالعمل من أجل هذا المعنى، والله أعلم.
وكأنَّ في العمل معنى العود؛ وكأنه تُصِّورَ أنَّ الإنسان يعمل العمل، ثمَّ يعود إليه، ففيه أصل معنى مادة الثوب، وهي العَودُ، والله أعلم.
3 ـ وفسَّر آخرون بأن المراد بالثياب: النفس، والمعنى: طهر نفسك من المعاصي والدَّنس.
ومنه ما نُسِب إلى ليلى الأخيلية، قالت:
رموها بأثواب خفاف فلا ترى لها شبهًا إلا النعام المًنَفَّرا
والمراد رموا الركاب بأبدانهم؛ أي: ركبوا الإبل.
ولا يبعد أنهم سمَّوا الأبدان أثوابًا لكثرة ملابستها للأثواب، وهذا من طرائق تسميات الأشياء عند العرب، فكثرة الملابسة تنقل الاسم من المعنى المتبادر المعروف إلى معنى آخر، حتى يصير اسمًا له، وبهذا يكون من معاني اللفظة.
وهذا من دقيق تاريخ الألفاظ، وهو علمٌ عزيزٌ، ونيله صعبٌ، وأغلبه من الظَّنٍ أو غلبته على حسب ما يتحرَّر في دراسة كل لفظ من الألفاظ.
¥