تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن البحث الموازن بين اللغات اليوم أظهر حقيقة ارتباط اللغات القديمة في موطن الوطن العربي الذي نراه اليوم باللغة العربية التي نزل بها القرآن، لكن بعض هؤلاء الباحثين من المستشرقين والتوراتيين يُخفون هذه الحقيقة، فهم لا يريدون أن يذكروا للعرب أيَّ مَحمَدَة، فكيف يصفونهم بأنهم يملكون خصائص اللغة الأم؟.

ولو فتَّشت في مثل كتاب (قاموس الكتاب المقدس) لوجدت بعض الكلمات التي يرجعونها إلى العربية، وفيها ما هو واضح التقارب معها،، وهي لا تختلف إلا في طريقة النطق فحسب وإليك هذا المثال:

1 ـ (ص: 192): ((بنيامين: اسم عبري، معناه (ابن اليد اليمين، أو ابن اليُمن)، وهو ابن يعقوب من امرأته راحيل، وكان أصغر إخوته)).

ولعل هذا الاسم لا يحتاج إلى كبير تحليل، كما أن طريقة نطقة قريبة جدًّا من طريقة اللغة المعيارية (لغة العرب وقت نزول القرآن).

2 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 201): ((بيت جامول: اسم عبري معناه (بين الجمل) مدينة في موآب)).

3 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 203): ((بيت صيدا: اسم آرامي معناه (بيت الصيد) ... )).

4 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 204): ((بيت عنيا: اسم آرامي معناه (بيت البؤس، البائس) ... )). عنيا = العني = العناء.

5 ـ (قاموس الكتاب المقدس /ص: 207): ((البيريون: اسم عبري معناه: (أهل الآبار)، وهو اسم عائلة)).

6 ـ (قاموس الكتاب المقدس ص: 226): ((تُوما: اسم آرامي معناه (توأم) ... )).

ولأقف مع هذه الفقرة، فأشرح ما فيها:

الآرامية كما ذكروا (ص: 43): ((إحدى اللغات السامية الشمالية))، وقد أشاروا إلى أن الكتاب المقدس كُتِب باللغة الآرامية، وفي (ص: 44) ذكروا ما نصه: ((وقد تكلم السيد المسيح اللغة الارامية، ووردت بعض أقواله في العهد الجديد في هذه اللغة، مثلاً: مرقس 5: 41 (طليثا قومي)، مرقس 7: 34 (أفثا)، مرقس: 15: 43 (الوي الوي لم شبقتني))).

وموضوع استخدام الآرامية يمكن الاطلاع عليه في كتب فقه اللغة وتاريخها، لكن تلاحظ ثبوت استخدامها في كتابهم، وعلى لسان المسيح عليه السلام، فما هي اللغة الآرامية؟

ألا تلاحظ ذلك التقارب الشديد بين ألفاظ الآرامية وما تعرفه من لغتك العربية الشريفة؟

إن اللغة الآرامية تمثِّل لهجة من لهجات هذه اللغة الاشتقاقية التي ذكرتها لك سابقًا، ولم تخرج عنها، وإنما وقع اختلاف في طريقة صيغة الكلمة.

ولننظر إلى لفظ (تُوما) كيف صار (توأم)، إن الألف التي في آخر (توما) إنما هي (أل) التعريف فيما تعرفه من لغتك اليوم، ولو تتبعت منطقة الشام بفروعها الأربع (سوريا، والأردن وفلسطين ولبنان) لوجدت كثيرًا من المواطن تنتهي بهذه الألف (حيفا، يافا، صيدا ... )، ولأذكر لك تفسيرًا من تفسيرات السلف أشار إلى هذا المعنى في تفسير قوله تعالى: (بأكواب وأباريق)، قال الضحاك: ((الأكواب: جرار ليست لها عرى، وهي بالنبطية كوبا))، والنبطية لغة من اللغات العربية الشمالية، وهي مرتبطة بالآرامية، وقد نبَّه أصحاب (قاموس الكتاب المقدس ص: 44) إلى ذلك، وسموها: الآرامية النبطية.

ولفظ (كوبا) الآرامي = الكوب، وهو لفظ عربي، وهذا يعني أن اللغة الآرامية والنبطية مرتبطة باللغة الاشتقاقية التي بقيت في لغة العرب التي نزل بها القرآن.

يقول الدكتور محمد بهجت قبيسي في كتابه (ملامح فقه اللهجات العروبيات / ص: 344) ـ ضمن فقرة ((أهم ملامح اللهجة العربية الآرامية): ((عَرَفت اللاحقة الألف كأداة تعريف؛ مثل (حرستا) بمعنى (الحارسة)، وقاديشا، بمعنى القادوس: التقديس)).

ولعلك إن استغربت وضع (أل) التعريف الذي جاء ألفًا لاحقة للاسم، فإنك لا تستغرب أن بعض العرب يجعل (ام) بدل (ال)، وفي هذه اللهجة جاء الحديث المشهور (ليس أم بر أم صيام في أم سفر)، وأصله في الصحيح بلفظ (ليس من البر الصيام في السفر) (3)، وهذه اللهجة لا زالت يُتحدَّث بها في بعض قبائل جنوب الجزيرة العربية، فإذا كان هناك أكثر من صيغة لأل التعريف، فلا تستبعد أن تكون تلك من الصيغ التاريخية لهذه اللغة، لكنها ماتت، فلا تُستعمل، وبقيت آثارها شاهدة عليها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير