التسوية في قوله تعالى:] يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى
بِهِمُ الأَرْضُ [[النساء: 42]، يراد بها: أن يكونوا كالتراب، والمعنى: يودّون
لو جُعِلوا والأرض سواءً، ويوضح هذا المعنى قوله تعالى:] وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا
لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً [[النبأ: 40] [16].
ثانياً: أمثلة للمصطلح المتوسع:
يمكن أن يدخل في هذا النوع كل آية قرنت بأخرى على سبيل التفسير، وإن
لم يكن في الآية ما يشكل فتُبَيّنُهُ الآية الأخرى، ومن أمثلته ما يلي:
1 - الجمع بين ما يُتوهم أنه مختلف:
سبق مثال في ذلك، وهو: مراحل خلق آدم [17]، ومن أمثلته عصا موسى
(عليه الصلاة والسلام)؛ حيث وصفها مرة بأنها] حَيَّةٌ تَسْعَى [[طه: 20]، ومرة
بأنها] تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانّ [[النمل: 10]، ومرة بأنها] ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ [
[الأعراف: 107]، فاختلف الوصف والحدث واحد، وقد جمع المفسرون بين هذه الآيات: أن الله (سبحانه) جعل عصا موسى كالحية في سعيها، وكالثعبان في
عِظَمها، وكالجان (وهو: صغار الحيّات) في خِفّتِها [18].
2 - تتميم أحداث القصة:
إذا تكرر عرض قصة ما في القرآن فإنها لا تتكرر بنفس أحداثها، بل قد يزاد
فيها أو ينقص في الموضع الآخر، ويَعْمَدُ بعض المفسرين إلى ذكر أحداث القصة
متكاملة كما عرضها القرآن في المواضع المختلفة، ومثال ذلك:
قوله (تعالى):] إذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ [[طه: 40]، حيث ورد في سورة القصص ثلاثة أمور غير واردة في هذه الآية، وهي:
1 - أنها مرسلة من قبل أمها.
2 - أنها أبصرته من بُعدٍ وهم لا يشعرون.
3 - أن الله حرّم عليه المراضع.
وذلك في قوله (تعالى):] وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا
يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ
يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ [[القصص: 11، 12] [19].
3 - جمع الآيات المتشابهة في موضوعها:
قال الشنقيطي في قوله (تعالى):] قَدْ نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَذِي يَقُولُونَ [
[الأنعام: 33].
قال:» صرح (تعالى) في هذه الآية الكريمة بأنه يعلم أن رسوله يَحْزُنُه ما
يقوله الكفار في تكذيبه، وقد نهاه عن هذا الحزن المفرط في مواضع أخرى كقوله:
] فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَات [[فاطر: 8]، وقوله:] فَلا تَأْسَ عَلَى القَوْمِ
الكَافِرِينَ [[المائدة: 68]، وقوله:] فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إن لَّمْ يُؤْمِنُوا
بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً [[الكهف: 6]، وقوله:] لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [[الشعراء: 3].
والباخع: المهلك نفسه ... إلخ [20].
4 - جمع موارد اللفظة القرآنية:
قد يورد المفَسّر» وصفاً «وُصف به شيء، ثم يذكر الأشياء الأخرى التي
وصفت به، أو يعمد إلى لفظة فيذكر أماكن ورودها، ومن أمثلة الأول:
* قال: الأمير الصنعاني» والبقعة مباركة (لما) [21] وصفها الله لما أفاض
(تعالى) (فيه) [22] من بركة الوحي وكلام الكليم فيها.
كما وصف أرض الشام بالبركة، حيث قال:] وَنَجَّيْنَاهُ [أي: إبراهيم
] وَلُوطاً إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ [[الأنبياء: 71]
ووصف بيته العتيق بالبركة في قوله:] إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ [[ال عمران: 96].
ووصف شجرة الزيت بالبركة في قوله:] شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ [
[النور: 35] [23].
* ومن أمثلة الثاني قوله:» وسمّى الله كتابه هدى في آيات:] ذَلِكَ الكِتَابُ
لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [[البقرة: 2]،] إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [
[الإسراء: 9]،] قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [[فصلت: 44]، وفي لقمان:] هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ [[لقمان: 3]، وفي النحل:] تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى
¥