تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في قوله تعالى:] َوَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ ... [[الأنعام: 59] بآية

لقمان:] إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ... [[لقمان: 34].

ويمكن القول: إن تفسير القرآن بالقرآن مسلك صحيح من مسالك التفسير بناء

على هذا المثال.

ولعلك تقول: إن هذا المسلك واضح ومعروف مشهور.

فأقول لك: إن المراد هنا تأصيله بوروده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-،

إذ في وروده عنه ماينبه إلى استعمال هذا المسلك.

ومما يدل على ذلك أن الصحابة لما استشكلوا قوله (تعالى):] الذِينَ آمَنُوا

وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [[الأنعام: 82] قال لهم: إنه

ليس بذاك ألا تسمعُ إلى قول لقمان لابنه:] إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [

[لقمان: 13] [21].

فكأنه -صلى الله عليه وسلم- يرشدهم إلى هذا المسلك بقوله: (ألا تسمع)،

وكان يمكن إجابتهم وحل إشكالهم بدون الإشارة إلى الآية والله أعلم.

وأخيراً ..

إذا كان يمكن استنباط بعض الأساليب التفسيرية في التفسير النبوي والقياس

عليها، فإن هناك مالايقاس عليه، ومنه:

أولاً: أن يكون التفسير في بيان حكم شرعي:

عن أنس بن مالك قال: (كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها،

ولم يجامعوهن في البيوت. فسأل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل

الله عز وجل] ويَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ [

[البقرة: 222].

فقال رسول الله: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) [22].

إن قول الله (تعالى):] فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ [لفظ عام، ويمكن أن

يفهم منه اعتزال النساء في المؤاكلة والمنام والبيوت، فذكر الرسول -صلى الله

عليه وسلم- ما يدل على تخصيص الاعتزال بالمجامعة دون غيرها من المعاشرة.

ثانيا: أن يكون التفسير لبيان أمر غيبي:

عن مسروق قال: سألنا عبد الله بن مسعود عن هذا الآية] َولا تَحْسَبَنَّ الَذِينَ

قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [[ال عمران: 169]. فقال:

أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل

معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل) [23].

إن صفة حياة هؤلاء الشهداء لايمكن إدراكها إلا عن سماع من النبي -صلى

الله عليه وسلم-، ولذا سأل الصحابة عن هذه الحياة الخاصة بالشهداء.

إنه في مثل هذين المثالين لايمكن استنباط (أسلوب تفسيري (لأن المجال في

هذا ليس مفتوحا بحيث يمكن الاستنباط منه، بل هو محدد لبيان حكم شرعي أو أمر

غيبي، ولذا يقف المفسر عند النص ولايمكنه تجاوزه، ليستفيد منه في نص آخر

يقيسه عليه.


(1) كان ابن كثير من أكثر المفسرين تأثرا بهذا المنهج الذي عند المحدثين.
(2) ماذكره من قوله: (بيان مايقرأ بعد تمام سورة) ظاهر أنه ليس من التفسير، فتأمل.
(3) لامع الدراري: 9/ 45.
(4) انظر: لامع الدراري: 9/ 4 (حاشية رقم (1)).
(5) انظر: فتح الباري 6/ 431.
(6) السنن الكبرى 6/ 329.
(7) سنن الترمذي 5/ 347.
(8) انظر: فتح الباري 8/ 36 ومثله النسائي في السنن الكبرى 1/ 301.
(9) السنن الكبرى للنسائي 6/ 339.
(10) رواه البخاري (فتح الباري 8/ 21).
(11) رواه البخاري (فتح الباري 8/ 34).
(12) رواه مسلم ح/رقم 302.
(13) أخرجه مسلم ح/ 1887.
(14) رواه مسلم ح/2135.
(15) رواه البخاري.
(16) رواه مسلم ح/1398.
(17) رواه الإمام مسلم ح/1917.
(18) انظر: الدر المنثور: 4/ 83 ومابعدها.
(19) تفسير الطبري (ط: شاكر (14/ 37 وما ذكر الطبري من وهاء السند؛ لأنه رواه من طريق ابن لهيعة (14/ 3) ولذا ضعفه فيما يظهر ولم يكن عنده له إسناد آخر، والحديث كما علمت رواه مسلم وغيره، فلا شك في صحته.
(20) رواه البخاري في مواضع من صحيحه (فتح الباري 8/ 141 (ومن الطريف في تفسير القرآن بالقرآن عند النبي أنه فسر آيتين من سورة الأنعام بآيتين من سورة لقمان.
(21) رواه البخاري في مواضع من صحيحه (فتح الباري 8/ 372).
(22) رواه مسلم برقم 302.
(23) رواه مسلم برقم 1887.

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[13 - 03 - 03, 05:56 ص]ـ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير