تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[13 - 03 - 03, 05:58 ص]ـ

مصادر التفسير

(3)

تفسير الصحابة للقرآن

-الحلقة الثالثة-

بقلم: مساعد بن سليمان الطيار

بعد أن أنهى الكاتب الحديث عن التفسير بالقرآن والتفسير بالسنة، تطرق في

الحلقتين الماضيتين إلى الحديث عن تفسير الصحابة باعتباره مصدراً ثالثاً للتفسير،

فذكر أهمية تفسيرهم، ثم بدأ يفصّل مصادرهم في التفسير، وأن له مرجعين:

أولاً: ما يرجع إلى النقل، فأورد تفصيل ذلك.

وفي هذه الحلقة يتحدث الكاتب عن المرجع الثاني وتفاصيل أخرى من

الموضوع.

ثانياً: ما يتعلق بالفهم والاجتهاد (الاستدلال):

يكون معتمد المفسّر في هذا القسم العقل، ولا خلاف في أن الصحابة قد

اجتهدوا في بيان القرآن، وقد نبّه ابن الأثير إلى ذلك في شرحه لحديث: (من قال

في كتاب الله (عز وجل) برأيه ... ) [1] حيث قال: (وباطل أن يكون المراد به: أن لا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعه، فإن الصحابة (رضي الله عنهم) قد

فسّروا القرآن، واختلفوا في تفسيره على وجوهٍ، وليس كل ما قالوه سمعوه من

النبي، وإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس، فقال: (اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل) [2]، فإن كان التأويل مسموعاً كالتنزيل، فما فائدة تخصيصه بذلك؟) [3].

ويشتمل هذا القسم على أربعة أنواع، هي:

1 - تفسير القرآن بالقرآن:

قد سبق الحديث عن أن تفسير القرآن بالقرآن مرجعه إلى الرأي، وذلك أن

ربط الصحابي بين آية وأخرى كان معتمداً على العقل، ولو كان عنده سندٌ إلى

رسول الله لذكره، مثل ما مرّ ذكره في تفسير قوله (تعالى):] الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ

يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ [[الأنعام: 82] حيث أُسند إلى الرسول.

ومن الأمثلة الواردة عنهم في تفسير القرآن بالقرآن ما يلي:

عن عمر بن الخطاب في تفسير قوله (تعالى):] وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [

[التكوير: 7] قال: تزويجها: أن يؤلف كل قوم إلى شبههم، وقال:] احْشُرُوا

الَذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ [[الصافات: 22] [4].

و مما يحسن بحثه في هذا الموضوع: كيفية استفادة الصحابة من القرآن في

تفسيرهم.

2 - تفسير القرآن بأقوال الرسول مما لم ينص فيها على التفسير:

سبق الحديث عن هذا القسم، وأن معتمد المفسر هاهنا العقل، وذلك لأن

الصحابي يجتهد في ربط الحديث بمعنى الآية.

ومن أمثلته: ما رواه البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه)، عن النبي

قال: (فضل صلاة الجمع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع

ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح) يقول أبو هريرة: (اقرؤوا إن شئتم:

] وَقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [) [5].

فنلاحظ أن أبا هريرة نزّل الحديث على معنى الآية، فجعل اجتماع الملائكة

هو الشهود الذي يحصل في صلاة الفجر.

3 - التفسير اللغوي (المحتملات اللغوية):

نزل القرآن بلغة الصحابة (رضي الله عنهم)، ولذا: فهم أئمة التفسير اللغوي، وإذا روي عن أحدهم تفسير لغوي، فإن محلّه القبول.

وبالنظر إلى الألفاظ اللغوية المفسّرة تجد أنها على قسمين:

الأول: ألاّ يحتمل اللفظ إلا معنى واحداً، وهذا ما لا يقع فيه خلاف، وهو

أشبه بأن يجعل من القسم الذي طريقه السماع لا الاجتهاد، لعدم الحاجة لإعمال

الرأي في مثل هذا.

الثاني: ما يحتمل أكثر من معنى، والسياق محتمل لها جميعها، ففي مثل هذا

يكون التّميّزُ وإعمال الرأي اعتماداً على المعنى اللغوي، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره

الطبري في تفسير قوله (تعالى):] خِتَامُهُ مِسْكٌ [[المطففين: 26] أن فيه ثلاثة

أقوال، اثنين منها عن صحابيين:

القول الأول: بمعنى خِلْطُهُ، وهذا قول ابن مسعود، قال: (أما إنه ليس

بالخاتم الذي يختم، أما سمعتم المرأة من نسائكم تقول: طيب كذا وكذا خلطه مسك).

القول الثاني: بمعنى: آخر شرابهم، وهذا قول ابن عباس، قال: (طيّب

الله لهم الخمر، فكان آخر شيء جعل فيها حتى تختم بالمسك) [6].

4 - ما يرجع إلى احتمال النص القرآني أكثر من معنى:

قد تحتمل الآية أكثر من معنى، فيذكر صحابي أحد هذه المعاني، ثم يذكر

الآخر معنًى غيره من المعاني المحتملة لهذا الخطاب القرآني، وقد يعتمد في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير