تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي مواضع أخرى أطلق مصطلح "الجمهور"وأراد به جميع العشرة ومن وافقهم، في مقابل أصحاب القراءات الشاذة، فمن ذلك قوله في قراءة "قاموا كُسالى" ([282]) (قلت: وهما قراءتان قرأ الجمهور بالضم وقرأ الأعرج بالفتح، وهي لغة بني تميم، وقرأ ابن السميفع بالفتح أيضاً، لكن أسقط الألف وسكن السين …) الخ. ([283]) وكذا في قراءة "أو كانوا غُزًّى" ([284]) حيث قال: (وقرأ الجمهور "غزّاً" بالتشديد جمع غاز …) إلى أن قال: (وقرأ الحسن وغيره "غزاً" بالتخفيف) أهـ. ([285]) وقال في قراءة "إنّه كان حُوباً" ([286]): (و الجمهور على ضم الحاء، وعن الحسن بفتحها) أهـ. ([287])

تنبيه (1): وقع لدى الحافظ وَهْمٌ في نسبة قراءة سبعية إلى الشذوذ، ورجح عليها قراءة " الجمهور" حيث قال: (قوله: باب قوله تعالى " فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أَيمان لهم " ([288]) قرأ الجمهور بفتح الهمزة من "أيمان" أي لا عهود لهم، وعن الحسن البصري بكسر الهمزة وهي قراءة شاذة، وقد روى الطبري عن طريق عمار بن ياسر وغيره في قوله "إنهم لا أيمان لهم " أي لا عهد لهم، وهذا يؤيد قراءة الجمهور) ([289]) أهـ.

قلت: و القراءة المشار إليها بكسر الهمزة هي قراءة ابن عامر، وليست شاذة وربما وافقه فيها الحسن ([290])، ولا مجال لترجيح قراءة الجمهور عليها، ولعل الحافظ رحمه الله تبع في ذلك الطبري الذي نص على عدم استجازة القراءة بغير الفتح، والله اعلم.

تنبيه (2): ووقع للحافظ وَهْمٌ آخر في قراءة "ولايأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ" ([291]) حيث قال: (وقال الفراء: الائتلاء: الحلف، وقرأ أهل المدينة "ولا يَتَأَلَّ" بتأخير الهمزة وتشديد اللام، وهي خلاف رسم المصحف، وما نسبه إلى أهل المدينة غير معروف وإنما نسبت هذه القراءة للحسن البصري) ([292]) أهـ.

قلت: و القراءة المذكورة "ولايتأل" عشرية، قرأ بها أبو جعفر المدني ووافقه الحسن، وهى لا تخالف رسم المصحف. قال ابن الجزري:

(وذكر الإمام المحقق أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم القراب في كتابه "علل القراءات" أنه كتب في المصاحف "يتل" قال فلذلك ساغ الاختلاف فيه على الوجهين انتهى) ([293]) أهـ.

9 - حكم القراءة الشاذة عنده:

وضّح الحافظ موقفه من القراءة الشاذة في ثلاثة مواضع نص على رأيه فيها - فيما وجدته - ([294]) وهي:

أ- عند شرحه لحديث ابن عباس – رضى الله عنهما- في سبب نزول قوله تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) ([295]) وقراءة ابن عباس لها بزيادة "في مواسم الحج " ([296]) حيث قال ما نصه: (وقراءة ابن عباس "في مواسم الحج" معدودة من الشاذ الذي صح إسناده وهو حجة وليس بقرآن) ([297]) أهـ.

ب- عند شرحه للحديث نفسه في موضع آخر، حيث ذكر قراءة ابن عباس هذه بعد أن أشار إلى الموضع السابق، وأن الطبري روى بإسناد صحيح عن أيوب عن عكرمة أنه كان يقرؤها كذلك، ثم قال: (فهي على هذا من القراءة الشاذة وحكمها عند الأئمة حكم التفسير) ([298]) أهـ.

جـ- عند كلامه عن قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم يقولون ءآمنا به) ([299])، وذكر تفسير مجاهد للآية وقوله: (و الراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به). ثم قال الحافظ: (وهذا الذي ذهب إليه مجاهد من تفسير الآية يقتضي أن تكون الواو في " والراسخون" عاطفة على معمول الاستثناء، وقد روى عبد الرازق بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه كان يقرأ "وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به " فهذا يدل على أن الواو للاستئناف لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها قراءة لكن أقل درجاتها أن تكون خبراً بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن فيقدم كلامه في ذلك على من دونه) أهـ. ([300])

قلت: هذه المواضع التي وقفت فيها على نص صريح من الحافظ في بيان موقفه من القراءة الشاذة. وقد نقل الشيخ عبد الفتاح القاضي في كتابه "القراءات الشاذة" نصاً صريحاً عن الحافظ في هذا الباب، لكني لم أقف عليه في الفتح فقال ما نصه: (واستفتي الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني عن حكم القراءة الشاذة فقال: تحرم القراءة بالشاذ وفي الصلاة أشد، ولا نعرف خلافاً بين أئمة الشافعية في تفسير الشاذ أنه ما زاد على العشر، بل منهم من ضيق فقال: ما زاد على السبع) ([301]) أهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير