قد تضافرت الأدلة على أن القسم الأول والثالث والخامس والسابع من تصنيف الفخر الرازي، وبقي النظر في بقية الأقسام، وهي الثاني والرابع والسادس، ويدل على أنها من تصنيف غيره أمور:
الأول: اختلاف الطريقة كما تقدم.
الثاني: في التفسير (5/ 182) في تفسير سورة الروم – وهو من القسم الثاني -:"فأخبرني الشيخ الورع الحافظ الأستاذ عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بحلب .. " .. وعبد الرحمن هذا توفي سنة 623 كما في الشذرات وغيرها.
وفي التفسير (5/ 255) في تفسير سورة سبأ – وهو من القسم الثاني أيضاً: "أخبرني تاج الدين عيسى بن أحمد بن الحاكم البندهي، قال أخبرني والدي، عن جدي، عن محي السنة، عن عبد الواحد المليجي، عن أحمد بن عبد الله النعيمي، عن محمد بن يوسف الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري .. ".
لم أجد ترجمة لعيسى هذا، والظاهر أنه متأخر عن الفخر، فإن بين الراوي عن عيسى وبين محي السنة ثلاثة، والفخر كما في ترجمته من طبقات ابن السبكي أخذ عن أبيه ضياء الدين، وضياء الدين من أصحاب محي السنة.
وفي التفسير (6/ 18) في تفسير ق، وهو من القسم الرابع: (الظلام بمعنى الظالم كالتمار بمعنى التامر .. وهذا وجهه جيداً مستفاد من الإمام زين الدين أدام الله فوائده".
لم يتبين من زين الدين هذا، وظاهر العبارة أنه كان حياً حين التصنيف، وربما كان هو ابن معطي صاحب الألفية، توفى سنة 628هـ.
وفي التفسير (6/ 143) في تفسير سورة القمر، وهو من القسم الرابع أيضاً "روى الواحدي في تفسيره، قال سمعت "الصواب: في تفسيره ما سمعته على – كما في المخطوطة – الشيخ رضي الدين المؤيد الطوسي بنيسابور قال: سمعت عبد الجبار، قال: أخبرنا الواحدي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج .. ".
والمؤيد الطوسي محدث توفى سنة 617هـ.
هذا وقد عرفت أن هؤلاء الذين روى عنهم المفسر متأخرون عن الفخر، والفخر ليس براو كما في ترجمته من طبقات ابن السبكي، ولم أجد في الأقسام الأربعة التي قامت الأدلة على أنها من تصنيفه تعرضاً للرواية، ولا نقلاً عن عالم من أهل عصره غير والده، والظاهر أن المفسر الراوي عن هؤلاء هو أحمد بن خليل الخويي، فهو صاحب هذه التكملة، فأما القمولي فمتأخر لم يدرك هؤلاء، وفي ترجمة الخويى من طبقات ابن السبكي أنه أدراك المؤيد الطوسي وسمع منه.
وفي التفسير (6/ 54) في تفسير الذاريات، وهو من القسم الرابع – كلام في مسألة اعتقادية-، ثم قال:
"والاستقصاء مفوض في ذلك إلى المتكلم الأصولي لا المفسر"، وهكذا لا يشبه كلام الفخر بل فيه تعريض به، وعادة الفخر أن يستقصي أو يحيل على كتبه العقلية أو الكلامية أو يسمي بعضها.
وفي التفسير (6/ 147) وهو في تفسير سورة القمر، وهو من القسم الرابع "سادسها ما قاله فخر الدين الرازي في تفسير قوله تعالى ? فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها? وأخذ هذا المفهوم اللغوي .. وهو قريب إلى اللغة لكنه بعيد الاستعمال في القرآن" وقع في المخطوطة "سادسها ما قلنا" وهو من إصلاح الناسخ بزعمه والسياق يشهد لما في المطبوعة، والآية التي ذكرها في تفسير فصلت، وفيه المعنى الذي حكاه، وتفسير فصلت من القسم الثالث الذي قامت الأدلة على أنه من تصنيف الفخر الرازي، فهذا مما يؤكد ذلك.
وفي التفسير (6/ 196) وهو في تفسير الواقعة، وهو من القسم الواقعة، وهو من القسم الرابع أيضاً: " ... وشيء من هذا رأيته في كلام الإمام فخر الدين رحمه الله بعدما فرغت من كتابه هذا مما وافق خاطري على أني معترف بأني أصبت منه فوائد لا أحصيها" هكذا في النسختين إلا أنه سقط من المخطوطة قوله:"معترف بأني" والبحث متعلق بقوله تعالى ? ليس كمثله شيء ? وهي في سورة الشورى، وفي تفسيرها بعض ما ذكره هنا، وتفسير الشورى من القسم الثالث الذي قامت الأدلة على أنه من تصنيف الفخر، فهذا مما يؤيد ذلك.
وفي التفسير بعدما تقدم بقليل "وفيه مسائل الأولى أصولية ذكرها الإمام فخر الدين رحمه الله في مواضع كثيرة، ونحن نذكر بعضها، فالأولى: قالت المعتزلة.
وقد أجاب الإمام فخر الدين رحمه الله بأجوبة كثيرة وأظن به أنه لم يذكر ما أقوله فيه"وفيه مسائل أصولية المسألة الأولى قالت المعتزلة .. وقد أجاب عنه الإمام فخر الدين الرازي بأجوبة كثيرة وأظن أنه لم يذكر ما أقول فيه .. ".
¥