قال في مختار الصحاح: المَحْرَمُ: الحَرَاْمُ ويقال: هو ذو مَحْرَم منها: إذا لم يحل له نكاحها.
تعريفه اصطلاحاً:
وقال ابنُ الأثير في النهاية: " ذو المَحْرم: من لا يحل له نكاحها من الأقارب وكالأب والابن والأخ والعم ومن يجري مجراهم "
وقال ابنُ قُدامة: " المَحرمُ: زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح كأبيها وابنها وأخيها من نسب أو رضاع ".
3. أهمية المحرم في سفر المرأة:
إن السفر قطعة من العذاب كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما فيه من المشقة والتعب ومقاسات الحر والبرد والخوف ومفارقة الأهل والأصحاب وخشونة العيش وقلة الماء والنساء لا أكثر تأثراً بالمشقة والعذاب لأنهن ضعيفات لا يستطعن تحمل مشقة السفر وحدهن فكان لا بد لهن من رجلٍ يخرج معهن ويهتم بهن ويحميهن ويساعدهن ويسترهن في خلوتهن ويقوم بحملهن وحمل أمتعتهن وغير ذلك مما لا يجوز إلا للمحرم ولذلك اشترط الشارع الحكيم المحرم في سفر المرأة.
4. حكم المحرم في سفر المرأة:
اتفق الفقهاء أنه لا يجوز للمرأة الخروج في سفر من غير محرم واستثني من ذلك سفرها للحج.
5. تحرير محل النزاع:
اختلف الفقهاء في حكم خروج المرأة للحج بغير محرم.
وحجها لا يخلوا من أن يكون إما للفرض أو لنذر أو لتطوعٍ.
• أما حج التطوع فاختلفوا فيه إلى قولين:
- القول الاول:
أنه لا يجوز لها الخروج بغير محرم مطلقاً وهو مذهب أغلب الفقهاء فيه قال الحنفية والمالكية وهو المذهب الراجح عند الشافعية وقال به الحنابلة.
- القول الثاني:
أنه يجوز لها الخروج بغير محرم مع نسوة ثقات أو تخرج وحدها إن أمنت الطريق هو قول لبعض أصحاب الشافعي – رحمه الله - وهو ضعيف والأول أرجح والله اعلم.
• وأما خروجها للفرض والنذر فاختلفوا فيه على ثلاثة أقول:
- القول الأول:
أنه لا يجوز الخروج لها إلا بمحرم والمحرم شرط لوجوب الحج وعلى ذلك فلا يجب عليها الحج إن لم تجد محرماً أو امتنع المحرم من الخروج وهو قول الحنفية والحنابلة.
- القول الثاني:
أنه يشترط للمرأة المحرم في خروجها إن وجد ولم يمتنع ولم يكن عاجزاً وإلا جاز لها الخروج بغير محرم بشرط خروجها مع رفقة مأمونة من النساء أو الرجال أو الرجل الذي تثق بدينه إن كانت مأمونة في نفسها وهو قول المالكية.
- القول الثالث:
أنه لا يشترط المحرم لخروجها في حال فقد تخرج مع محرم أو جمعٍ من النسوة الثقات وهو قول الشافعية ورواية عن الإمام أحمد – رحمه الله -.
فالمالكية والشافعية متفقون على أن المحرم ليس بشرط وجوب في سفر المرأة لحج الفريضة.
6. سبب الخلاف:
معارضة الأمر بالحج والسفر إليه للنهي عن سفر المرأة ثلاثا إلا مع ذي محرم.
فأصحاب القول الأول خصصوا عموم الأدلة بالحج بما سيأتي من أدلتهم.
وأصحاب القول الثاني غلبوا عموم الأمر بالحج.
والخلاف حقيقي تترتب عليه بعض المسائل كما سيأتي – إن شاء الله -.
7. الأدلة:
- أدلة القول الأول:
- الحديث الأول:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم)).
- الحديث الثاني:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها)).
- الحديث الثالث:
عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)).
- الحديث الرابع:
عن ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم Sad( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم))، فقام رجل فقال: إني اكتتبت في الغزو وقد أردت أن أحج امرأتي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((انطلق فحج مع امرأتك)).
وهذه الأدلة خصصت الأدلة العامة وهي عامة في سفرها للفريضة أو التطوع وهي صريحة في الحكم.
وقد رد الخصوم على وجه الاستدلال بهذه الأدلة بما يلي:
أولاً: أن الحكم عام نخصصه بأدلة فريضة الحج.
ثانياً: أن هذه الأدلة محمولة على سفر التجارة والزيارة وحج التطوع وسائر الأسفار ولا يصح قياسها على حج الفريضة.
¥