قال عبد الغفار الفارسي: ورأيت إمام الحرمين عظمه أبلغ التعظيم واحترمه وقابله بغاية الإكرام وحضر المناظرة فشيعه إلى باب المدرسة وأعانه على الركوب بنفسه وخرج في بابه عن أهابه كما يليق بالحال
وقال السمعاني: سمعت جماعة يقولون: لما قدم أبو إسحاق نيسابور رسولا تلقوه، وحمل إمام الحرمين غاشيته، ومشى بين يديه وقال: أفتخر بهذا.ا. هـ
وهكذا فليكن الأدب والتواضع
- وقد كان هذان الإمامان مضرب المثل في قوة المناظرة والجلد في البحث وشدة الذكاء
قال سلار العقيلي أوحد شعراء عصره:
كفاني إذا عنَّ الحوادثُ صارمٌ ****** يُنيلُنِي المأمولَ بالإثْر والأثرْ
يقُدُّ ويَفرِى في اللقاء كأنه ****** لسان أبي إسحاق في مجلس النظرْ
قال الشيخ أبو إسحاق عن نفسه: كنت أعيد كل قياس ألف مرة، فإذا فرغت، أخذت قياسا آخر على هذا، وكنت أعيد كل درس ألف مرة، فإذا كان في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت.
وقال الشاعر المفلق عاصم بن الحسن فيه:
تراه من الذكاء نحيف جسم ***** عليه من توقده دليل
إذا كان الفتى ضخم المعاني ***** فليس يضيره الجسم النحيل
وقال أبو الوفاء بن عقيل _وهو الذي غسله يوم موته_: شاهدت شيخنا أبا إسحاق لا يخرج شيئًا إلى فقير إلا أحضر النية، ولا يتكلم فى مسألة إلا قدَّم الاستعاذة بالله تعالى، وأخلص القصد فى نصرة الحق، ولا صنَّف شيئًا إلا بعدما صلى ركعات، فلا جرم شاع اسمه واشتهرت تصانيفه شرقًا وغربًا ببركة إخلاصه. قالوا: وكان مستجاب الدعوة.
وقال السبكي كان الشيخ أبو إسحاق غضنفرا في المناظرة لا يصطلى له بنار وقد قيل إنه كان يحفظ مسائل الخلاف كما يحفظ أحدكم الفاتحة.
- قال بعض الأكابر: رأيت الإمام أبا إسحاق الشيرازي - رحمه الله - في النوم وعلى رأسه تاج، وعليه ثياب بيض، فقلت للشيخ وأشرت إلى الثياب البيض: ما هذا؟ فقال: هذا عز العلم، رضي الله عنه وغفر له ورحمه
- وأما إمام الحرمين فلو لم يكن له إلا النهاية والبرهان لكفى ذلك دليلا
ولو أنه نجى من ضرر علم الكلام والإنهماك فيه لكان له شأن آخر في علوم الشريعة
لكن قدر الله وما شاء فعل
رحم الله الجميع وغفر لهم
يتبع بمناظرة بينهما أيضا ...
ـ[سمير زمال]ــــــــ[01 - 02 - 10, 08:49 ص]ـ
أحسن الله إليكم
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[02 - 02 - 10, 07:53 ص]ـ
- بالنسبة للمسألة المتناظر حولها في المناظرة الأولى
فهي قولان في المذهب تكلم عليها الشيخ في التنبيه والمهذب
والإمام في النهاية وأحال على الأساليب
ـــــ
المناظرة الثانية: (إجبار البكر على الزواج).
تتنبيه متواضع: ما لونته بالأخضر فإنه يجري مجرى القواعد والفوائد الأصولية الكلية
استدل الشيخ الإمام أبو إسحاق رحمه الله بنيسابور في إجبار البكر البالغة بأن قال:
باقية على بكارة الأصل فجاز للأب تزويجها بغير إذنها. أصلهُ إذا كانت صغيرة.
فقال السائل: جعلت صورة المسألة علة في الأصل وذلك لا يجوز.
فقال هذا لا يصح لثلاثة أوجه:
أحدهما: أني ما جعلت صورة المسألة علة في الأصل لأن صورة المسألة تزويج البكر البالغة من غير إذن وعلتي أنها باقية على بكارة الأصل وليس هذا صورة المسألة لأن هذه العلة غير مقصورة على البكر البالغة بل هي عامة في كل بكر ولهذا قست على الصغيرة.
الثاني: قولك لا يجوز أن تجعل صورة المسألة علة، دعوى لا دليل عليها وما المانع من ذلك.
الثالث أن العلل شرعية كما أن الأحكام شرعية ولا ينكر في الشرع أن يعلق الشارع الحكم على الصورة مرة كما يعلق على سائر الصفات فلا معنى للمنع من ذلك فإن كان عندك أنه لا دليل على صحتها فطالبني بالدليل على صحتها من جهة الشرع.
فقال السائل دُلَّ على صحتها من الشرع.
فقال: الدليل على صحة هذه العلة الخبر والنظر.
أما الخبر: فما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها والمراد به الثيب لأنه قابلها بالبكر فقال والبكر تستأمر فدل على أن غير الثيب وهي البكر ليست أحق بنفسها
وأقوى طريق تثبت به العلة نطق صاحب الشرع.
وأما النظر: فلا خلاف أن البكر يجوز أن يزوجها من غير نطق، لبكارتها، ولو كانت ثيبا لم يجز تزويجها من غير نطق أو ما يقوم مقام النطق عنده وهو الكتابة، ولو لم يكن تزويجها إلى الولي لما جاز تزويجها من غير نطق.
¥