الوجه الأول: من قوله: ژ ہ ہ ہ ھھ ژ، ويقال في تقرير استدلالهم: أن الاعتزال في اللغة التنحي عن الشيء، وعدم قربانه مطلقا، والمحيض مصدر بمعنى الحيض، ومن المسموع في لغة العرب استعمال مفعل بمعنى المصدر، ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج التميمي:
إليك أشكو شدة المعيش * ومر أعوام نتفن ريشي
والمراد بالمعيش العيش. فأمر الله عز وجل بالتنحي عن النساء في حال الحيض، وعدم قربانهن، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر بالشيء نهي عن ضده]، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق للتحريم]، فإن قيل بأن المراد بالاعتزال عدم وطئهن في الفرج حال الحيض، فالجواب: أن الأمر بالاعتزال جاء مطلقا، والقاعدة في الأصول: [أنه يجب العمل بالمطلق على إطلاقه ما لم يرد دليل بخلافه]، ولا دليل!.
الوجه الثاني: من قوله: ژ ھ ھژ ويقال في تقرير استدلالهم: أن القرب في اللغة نقيض البعد، وأنه سبحانه وتعالى في هذه الآية نهى عن قرب النساء في حال الحيض، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق للتحريم]، فإن قيل بأن المراد بالقرب عدم وطئهن في الفرج حال الحيض،
فالجواب: أن النهي عن القرب جاء عاما، والقاعدة في الأصول: [أنه يجب العمل بالعام على عمومه ما لم يرد دليل بخلافه]، ولا دليل!.
فائدة:
بيان وجه العموم في الآية:
من قوله: ژ ھ ھ ژ فلا: ناهية، وتقربوهن: فعل مضارع، والفعل ينحل عن نكرة، وهي المصدر (قرب)، والقاعدة في الأصول: [أن النكرة في سياق النهي تفيد العموم].
قال الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تفسيره (2/ 382): "واعتل قائلو هذه المقالة بأن الله -تعالى ذكره- أمر باعتزال النساء في حال حيضهن، ولم يخصص منهن شيئا دون شيء، وذلك عام على جميع أجسادهن واجب اعتزال كل شيء من أبدانهن في حيضهن ".
قال أبو بكر ابن العربي -رحمه الله- في أحكام القرآن (1/ 225) " اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَوْرِدِ الْعَزْلِ وَمُتَعَلِّقِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: جَمِيعُ بَدَنِهَا، فَلَا يُبَاشِرُهُ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ فِي قَوْلٍ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ ......
فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ جَمِيعُ بَدَنِهَا فَتَعَلَّقَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: ژ ہژ؛ وَهَذَا عَامُّ فِيهِنَّ فِي جَمِيعِ أَبْدَانِهِنَّ ".
ملحوظة: لفظ النساء عام في أفراد النساء، لا في أجزاء جسدهن كما قال ابن العربي -رحمه الله-!!.
فائدة:
المخالف في المسألة إما أنه لم يبلغه الأخبار الدالة على الإباحة، أو أنها بلغته لكنه يرى تقديم ظاهر القرآن على أخبار الآحاد، فالقاعدة في الأصول -عند جماعة-: [يجب تقديم ظاهر القرآن على أخبار الآحاد].
قال ابن رشد الجد في المقدمات الممهدات (1/ 123): " وهذا إنما ذهب إليه من اتبع ظاهر القرآن وجهل ما ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار ".
وقال ابن الفرس المالكي رحمه الله في أحكام القرآن (1/ 289): "وهذا إنما ذهب إليه من اتبع ظاهر القرآن وجهل ما ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار، وقدم ظاهر القرآن على خبر الواحد".
وقد ذهب جمهور العلماء إلى إباحة مباشرة الحائض في الجملة، بل حكي الإجماع على ذلك،
[انظر: المغني لابن قدامة (1/ 414)، والمجموع للنووي (2/ 561)]
واستدلوا على ذلك بأدلة، ومنها:
1 - ما أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -عقب نزول هذه الآية-: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»، وفي رواية عند ابن ماجة بسند صحيح: «إلا الجماع».
وجه الاستدلال بالخبر:
من قوله: اصنعوا، فهذا أمر، ويلزم من الأمر الإذن، والقاعدة في الأصول: [أن الإذن يدل الإباحة وعدم التحريم].
2و3 - ما أخرجه الشيخان من حديث ميمونة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حُيَّضٌ.
وما أخرجاه أيضا من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: وكان يأمرني، فأتزر، فيباشرني وأنا حائض.
وجه الاستدلال بالخبرين:
أن هذا فعل منه صلى الله عليه وسلم، والقاعدة في الأصول: [أن فعله صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز].
وأجاب الجمهور عن الوجه الأول:
¥