تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله: {) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} حال من قوله تبارك وتعالى: {مُتَّكِئِينَ} أي حال كونهم متكئين فيها، والاتكاء يدل على راحة النفس وعلى الطمأنينة.

قوله: {عَلَى الْأَرَائِكِ} جمع أريكة، والأريكة نوع من المرتفق الذي يرتفق فيه، وقيل: إن الأريكة سرير في الخيمة الصغيرة المغطاة بالثياب الجميلة تشبه ما يسمونه بالكوخ.

قال الله تعالى: {عَلَى الْأَرَائِكِ} هذا مدح لهذه الجنة وما فيها من نعيم، ففيها الثناء على هذه الجنة بأمرين: بأنها {نِعْمَ الثَّوَابُ} وأنها {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً}. قال الله تعالى:) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (الفرقان:24)

...

) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً)

(الكهف:32)

قوله تعالى: {) وَاضْرِبْ} يعني اجعل وصيِّر.

(لَهُم) أي للكفار: قريش وغيرهم.

(مَثَلاً) مفعول اضرب، وبَيَّن المثل بقوله: {رَجُلَيْنِ} وعلى هذا يكون "رجلين" عطف بيان وتفصيل للمثل

قوله: {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً} أغلب ما في الجنتين العنب، وأطراف الجنتين النخيل وما بينهما زرع، ففيهما الفاكهة والغذاء من الحب وثمر النخل.

...

قال الله تعالى:

) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً) (الكهف:33)

قوله تعالى: {) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} ولم يقل آتتا أُكُلَهَا؟ لأنه يجوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى في كلتا، وقد اجتمع ذلك في قول الشاعر:

كلاهما حين جدَّ الجري بينهما قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي يشير إلى فرسين تسابقا فيقول: كلاهما، أي كلا الفرسين، "حين جد الجري بينهما" أي المسابقة، "قد أقلعا" أي توقفا عن المجاراة، و"رابي" أي منتفخ، فقد قال: "قد أقلعا" ولم يقل: "قد أقلع"، وقال: "رابي" ولم يقل: "رابيان"، ففي البيت مراعاة المعنى ومراعاة اللفظ، وهنا آتت أُكُلَها مراعاة اللفظ.

قوله: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً} أي ولم تنقص.

قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً} كان خلال الجنتين نهر من الماء يجري بقوة، فكان في الجنتين كلُّ مقومات الحياة: أعناب، ونخيل، وزرع، ثم بينهما هذا النهر المطَّرِد.

قال الله تعالى:

) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) (الكهف:34)

قوله تعالى: {) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} أي أن أحد الرجلين كان له ثمر، كأن له ثمر زائد على الجنتين أو ثمر كثير من الجنتين.

وقوله: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} وهما يتجاذبان الكلام.

قوله: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} افتخر عليه بشيئين:

1 – بكثرة المال 2 – العشيرة والقبيلة. فافتخر عليه بالغنى والحسب، يقول ذلك افتخاراً وليس تحدثاً بنعمة الله بدليل العقوبة التي حصلت عليه.

...

) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً) (الكهف:35)

وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف:36)

قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ} ذكرت بلفظ الإفراد مع أنه قال: {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ} فإما أن يقال: إن المراد بالمفرد الجنس، وإما أن يراد إحدى الجنتين، وتكون العظمى هي التي دخلها.

(وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) هذه جملة حالية يعني الحال أنه ظالم لنفسه، وبماذا ظلم نفسه؟ ظلم نفسه بالكفر كما سيتبين.

قال: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي} يعني ما أظن أن تفنى وتزول أبداً، أعجب بها وبما فيها من قوة وحسنِ المنظر، وغير ذلك حتى نسي أن الدنيا لا تبقى لأحد، ثم أضاف إلى ذلك قوله:

(وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) فأنكر البعث، لأنه إذا كانت جنَّتُه لا تبيد فهو يقول: لا بعث وإنما هو متاع الحياة الدنيا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير