تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لأن اللحم يحرم تناوله بنص القرآن، فلا خلاف فيه. ونص المالكية على وجوب تقديم ميتة غير الخنزير على الخنزير عند اجتماعهما، لأن الخنزير حرام لذاته، وحرمة الميتة عارضة. 4 - وأما الاعتبار الثاني: وهو اعتبار نجاسة عينه: فقد اتفق الحنفية والشافعية والحنابلة على نجاسة عين الخنزير، وكذلك نجاسة جميع أجزائه وما ينفصل عنه كعرقه ولعابه ومنيه وذلك لقوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم}. والضمير في قوله تعالى: {أو لحم خنزير فإنه رجس} راجع إلى الخنزير فيدل على تحريم عين الخنزير وجميع أجزائه. وذلك لأن الضمير إذا صلح أن يعود إلى المضاف وهو " اللحم " والمضاف إليه وهو " الخنزير " جاز أن يعود إليهما. وعوده إلى المضاف إليه أولى في هذا المقام لأنه مقام تحريم، لأنه لو عاد إلى المضاف وهو اللحم لم يحرم غيره، وإن عاد إلى المضاف إليه حرم اللحم وجميع أجزاء الخنزير. فغير اللحم دائر بين أن يحرم وأن لا يحرم فيحرم احتياطا وذلك بإرجاع الضمير إليه طالما أنه صالح لذلك، ويقوي إرجاع الضمير إلى " الخنزير " أن تحريم لحمه داخل في عموم تحريم الميتة، وذلك لأن الخنزير ليس محلا للتذكية فينجس لحمه بالموت. وذهب المالكية إلى طهارة عين الخنزير حال الحياة، وذلك لأن الأصل في كل حي الطهارة، والنجاسة عارضة، فطهارة عينه بسبب الحياة، وكذلك طهارة عرقه ولعابه ودمعه ومخاطه. ومما يترتب على الحكم بنجاسة عين الخنزير:

أولا: دباغ جلد الخنزير: 5 - اتفق الفقهاء على أنه لا يطهر جلد الخنزير بالدباغ ولا يجوز الانتفاع به لأنه نجس العين، والدباغ كالحياة، فكما أن الحياة لا تدفع النجاسة عنه، فكذا الدباغ. ووجه المالكية قولهم بعدم طهارة جلد الخنزير بالدباغ بأنه ليس محلا للتذكية إجماعا فلا تعمل فيه فكان ميتة فلا يطهر بالدباغ ولا يجوز الانتفاع به. ويتفق المذهب عند الحنابلة والمالكية في أن جلد الميتة من أي حيوان لا يطهر بالدباغ، ولكنهم يجوزون الانتفاع به بعد الدباغ في غير المائعات عند الحنابلة، وفي المائعات كذلك مع اليابسات عند المالكية إلا الخنزير فلا تتناوله الرخصة. وروي عن أبي يوسف أن جلد الخنزير يطهر بالدباغ. ويقابل الرواية المشهورة عند المالكية ما شهره عبد المنعم بن الفرس من أن جلد الخنزير كجلد غيره في جواز استعماله في اليابسات والماء إذا دبغ سواء ذكي أم لا.

ثانيا: سؤر الخنزير: 6 - ذهب الشافعية والحنفية والحنابلة إلى نجاسة سؤر الخنزير لكونه نجس العين، وكذا لعابه لأنه متولد عنه. ويكون تطهير الإناء إذا ولغ فيه بأن يغسل سبعا إحداهن بالتراب - عند الشافعية والحنابلة - لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: {إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات} وفي رواية: {فليرقه ثم ليغسله سبع مرات} وفي أخرى: {طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب}. قالوا: فإذا ثبت هذا في الكلب فالخنزير أولى لأنه أسوأ حالا من الكلب وتحريمه أشد، لأن الخنزير لا يقتنى بحال، ولأنه مندوب إلى قتله من غير ضرر، ولأنه منصوص على تحريمه في قوله تعالى: {أو لحم خنزير فإنه رجس} فثبت وجوب غسل ما ولغ فيه بطريق التنبيه. وعند الحنفية: يكون تطهير الإناء إذا ولغ فيه خنزير بأن يغسل ثلاثا. وذهب المالكية إلى عدم نجاسة سؤر الخنزير وذلك لطهارة لعابه عندهم، وقد ثبت غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب تعبدا فلا يدخل فيه الخنزير، وفي قول آخر للمالكية: يندب الغسل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير